أثار عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المغربية الأسبق، موجة جدل حادة بعد تصريحاته التي زعم فيها أن منطقة تندوف وأجزاء أخرى من الجزائر تنتمي تاريخيًا للمغرب. هذه التصريحات تأتي في وقت حساس تشهد فيه العلاقات المغربية الجزائرية توترات غير مسبوقة، وتصعيدًا إعلاميًا ودبلوماسيًا متبادلًا.
ويرى مراقبون أن تصريحات بنكيران تتزامن مع حملة فرنسية تستهدف الجزائر على خلفية قضية الكاتب بوعلام صنصال، المتهم بالخيانة بسبب دعمه للتطبيع مع الكيان.
هذا التزامن أثار تساؤلات حول وجود تنسيق ضمني بين أطراف دولية وإقليمية لتعميق الأزمة الجزائرية، مما يعكس أبعادًا سياسية أوسع لتصعيد الخطاب حول النزاع الحدودي.
على الصعيد الداخلي، يتعرض حزب العدالة والتنمية، الذي ينتمي إليه بنكيران، لانتقادات حادة بسبب ما يصفه منتقدوه بازدواجية المواقف. فبينما يركز الحزب على قضية تندوف والمزاعم التاريخية حول تبعيتها للمغرب، يتغاضى عن ملفات سيادية أخرى مثل سبتة ومليلية، المدينتين الخاضعتين للاحتلال الإسباني، فضلًا عن دعمه التطبيع مع الكيان الصهيوني في إطار اتفاقيات أثارت جدلًا واسعًا.
وتشير تقارير إلى أن هذه الاتفاقيات قد شملت ترتيبات تتعلق بنقل ملكية أراضٍ، مما يتناقض مع الخطاب السياسي للحزب حول السيادة الوطنية.
في الجزائر، قوبلت هذه التصريحات بردود فعل غاضبة، حيث اعتُبرت جزءًا من حملة إعلامية وسياسية تهدف إلى زعزعة الاستقرار وتعميق التوترات الإقليمية. ويُنظر إلى هذه التطورات على أنها استمرار لمسار تصعيدي بين البلدين منذ تعليق العلاقات الدبلوماسية.
وسط هذه الأجواء المتوترة، يدعو خبراء العلاقات الدولية إلى ضرورة تغليب لغة الحوار لتجنب تداعيات التصعيد الإعلامي والسياسي، محذرين من أن استمرار الخلافات قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على استقرار المنطقة ومصالح شعوبها.
بن قرينة يرد على تصريحات ابن كيران: “مُسعّر حرب” يهدد العلاقات المغربية الجزائرية
في تصريح حاد اللهجة، وصف رئيس حركة البناء الوطني الجزائري، عبد القادر بن قرينة، تصريحات رئيس الحكومة المغربية السابق عبد الإله ابن كيران بأنها “استفزازية” و”غير مسؤولة”، وذلك رداً على تصريحات نشرها ابن كيران على الصفحة الرسمية لحزب العدالة والتنمية يوم السبت 11 جانفي 2025.
وأشار بن قرينة إلى أن تصريحات ابن كيران، التي ادعى فيها تبعية مناطق من الجنوب الغربي الجزائري للمملكة المغربية، تعكس “عقدة الاحتلال الاستيطاني التوسعي” التي يعاني منها المخزن المغربي. وأضاف أن هذه العقلية لا تشبهها إلا ممارسات الاحتلال الصهيوني في المنطقة العربية.
وذكّر رئيس حركة البناء الوطني بسوابق مماثلة للمخزن المغربي، حيث سبق له التشكيك في وجود دولة موريتانيا، ومحاولة المساس بالسلامة الترابية الجزائرية، وانتهاك السيادة الصحراوية في تجاوز واضح لمواثيق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن.
وتساءل بن قرينة عن سبب تناغم طروحات رموز حزب العدالة والتنمية مع “صقور الكيان الصهيوني الغاصب واليمين المتطرف في فرنسا” في مواقفهم المعادية للجزائر. ورأى أن تصريحات ابن كيران ما هي إلا محاولة للعودة إلى المشهد السياسي بعد أن “لفظ الشعب المغربي الشقيق حزبه”، الذي استخدمه المخزن لتمرير مشاريع مثيرة للجدل، بما فيها التطبيع مع إسرائيل وإباحة الاتجار بالمخدرات.
وفي ختام تصريحه، وجه بن قرينة نداءً إلى “عقلاء النخبة المغربية” للجم تصريحات ابن كيران، واصفاً إياه بـ”مُسعّر حرب”، محذراً من خطورة استمرار مثل هذا الخطاب على العلاقات بين البلدين. كما أكد على احترام وتقدير الشعب الجزائري للشعب المغربي الشقيق، مشدداً على ضرورة التصدي لكل ما من شأنه الإضرار بالعلاقات الأخوية بين البلدين.
ع.عزوق