تزامنا مع عودة التلاميذ إلى مقاعد الدراسة، أصدرت وزارة التربية الوطنية بيانا هاما يسلط الضوء على التعديلات والمكاسب التي تضمنها القانون الأساسي الجديد والنظام التعويضي المقترح.
ويأتي هذا الإعلان في إطار التزام الدولة بتحسين الظروف الاجتماعية والمهنية للأساتذة، وتعزيز مكانة التعليم كمهنة نبيلة وشاقة في الوقت ذاته.
وقد ركز البيان على تحسين التصنيف الوظيفي، استحداث رتب جديدة، تثمين المؤهلات العلمية، وتقديم امتيازات اجتماعية ومهنية تهدف إلى تعزيز استقرار القطاع وضمان جودة التعليم.
ندى عبروس
وفي هذا السياق فإن هذه المكاسب الجديدة تشكل بداية لعهد جديد في قطاع التعليم، إذ تعزز مكانة الأستاذ، وتوفر له الظروف المناسبة لممارسة مهنته بكرامة.
وبينما تسير هذه الإصلاحات في الاتجاه الصحيح، يبقى التحدي الأكبر في ضمان تطبيقها الفعلي بما يحقق الأثر المرجو منها على أرض الواقع.
“أستاذ مميز”… نقلة نوعية في التصنيف والترقية
أبرزت التعديلات الجديدة اهتماما كبيرا بتحسين التصنيف الوظيفي للأساتذة، حيث تم تحريك الرتب واستحداث رتب جديدة أعلى، أبرزها رتبة “أستاذ مميز”، التي تعد نقلة نوعية في السلم الوظيفي.
كما أكدت الوزارة على تعزيز مبدأ أولوية شهادة التكوين المتخصص لخريجي المدارس العليا للأساتذة، وهو ما يعكس التزام الوزارة بتكريس الجودة في القطاع.
من جهة أخرى، يستفيد الأساتذة ذوو الأقدمية التي تقل عن أربع سنوات من تحسينات في التصنيف، سواء كانوا موظفين أو في الرتبة الأصلية، مع الاحتفاظ بالأقدمية المكتسبة والاستفادة من أثر مالي إيجابي.
ويأتي ذلك ضمن سياسة الوزارة لتثمين جهود الكوادر التعليمية وتمكينهم من تحقيق استقرار وظيفي ومادي.
التقاعد المبكر.. تقدير لمشقة التعليم
ومن أبرز التحسينات أيضا التي جاء بها القانون الأساسي الجديد، هي منح الأساتذة حق التقاعد قبل السن القانوني بخمس سنوات بناء على طلبهم، مع الاحتفاظ بكافة الحقوق المكتسبة.
ويأتي هذا الإجراء استجابة للواقع الميداني الذي يفرض تحديات مهنية وصحية كبيرة على الأساتذة، حيث تم تصنيف التعليم كمهنة شاقة.
هذا الامتياز يعكس اهتمام الدولة بتوفير ظروف عمل إنسانية ومرنة تتناسب مع طبيعة المهنة.
المؤهلات العلمية.. قيمة مضافة تستحق التثمين
كما ركز القانون الجديد على تثمين المؤهلات العلمية المكتسبة أثناء المسار المهني أو خلال التوظيف والإدماج، وقد أتاح ذلك للأساتذة فرصا أوسع للترقية المؤهلات العلمية المتحصل عليها خلال المسار المهني، خاصة من خلال الجسور التي تم فتحها بين مختلف المستويات التي تشكل امتدادا لمساره التعليمي.
كما تم تكييف الحجم الساعي للأساتذة الذين يواصلون تكوينهم العلمي، بهدف مساعدتهم على تحقيق التوازن بين العمل والدراسة.
وتأتي هذه الخطوة لتعزيز الكفاءة الأكاديمية وتحفيز الأساتذة على تطوير مهاراتهم بما ينعكس إيجابياً على العملية التعليمية.
امتيازات اجتماعية ومهنية لتعزيز الاستقرار
وقد استحدثت الوزارة عدة إجراءات تهدف إلى تحسين الظروف الاجتماعية والمهنية للأساتذة، أبرزها منحهم الحق في شغل الوظائف العليا في الإدارة المركزية والمؤسسات التابعة للقطاع.
كما تم إقرار عطلة علمية لمدة سنة لتمكين الأساتذة من تجديد معارفهم، إلى جانب عطلة التحرك المهني، التي تهدف إلى تعزيز تطورهم الوظيفي.
وفي خطوة تعكس الاهتمام بصحة العاملين، أدرجت الوزارة تخفيضا في الحجم الساعي الأسبوعي للأساتذة، خاصة لأولئك المرتبين في الدرجة العاشرة فما فوق.
كما تم استحداث مناصب مكيفة لفائدة الأساتذة غير القادرين على أداء مهامهم بسبب ظروف صحية، ما يعكس بعدا إنسانيا هاما في السياسات الجديدة.
/نظام تعويضي يُعيد التوازن المالي للأساتذة
تنفيذا لتوجيهات رئيس الجمهورية بتحسين الظروف المالية للأساتذة، جاء مشروع النظام التعويضي بزيادات معتبرة في الرواتب، حيث تراوحت بين 7616 دينار و18315 دينار حسب الطور التعليمي والرتبة والأقدمية.
وتختلف الرواتب الجديدة للأساتذة بحسب الأطوار التعليمية، حيث تتراوح بين 75237 دينار و96838 دينار للطور الابتدائي، أما في الطور المتوسط، فإن الزيادات تتراوح بين 8489 دينار و 14232 دينار لتتفاوت الأجور بين 82653دينار و 101389 دينار.
وفي الثانوي، فتتراوح الزيادة في أجور الأساتذة، بين 8756 دينار و 17527 دينار و هو ما سيخلف أجورا، بين 88314 دينار و 106134 دينار.
وتعكس هذه الزيادات التزام الدولة بتحسين الوضع المعيشي للأساتذة، وهي خطوة من شأنها أن تسهم في استقرار القطاع وتحفيز الكوادر التعليمية على تقديم أداء متميز.
رئيس المؤسسة الجزائرية لإطارات التربية والتعليم، عومر بن عودة لــ ” أخبار الوطن “
” النظام التعويضي جاء بتحسينات تهدف إلى تعزيز المكانة الاجتماعية لموظفي التربية “
قال رئيس المؤسسة الجزائرية لإطارات التربية والتعليم، عومر بن عودة، في تصريح لـ ” أخبار الوطن ” إن “ملف القانون الأساسي والنظام التعويضي لمستخدمي التربية الوطنية يعد من أهم الملفات التي وعد رئيس الجمهورية بالإفراج عنها قبل نهاية سنة 2024″، موضحا أن هذا الالتزام يعكس الاهتمام الكبير الذي يوليه رئيس الجمهورية لقطاع التربية الوطنية، باعتباره قطاعا أساسيا لبناء جيل المستقبل وصناعة كفاءات الغد.
وأشار بن عودة إلى أن “إصدار القانون الأساسي تم بعد المصادقة عليه في مجلس الوزراء يوم 22 ديسمبر الماضي”، مبرزا أن وزير التربية استعرض محتوى القانون في لقاء مع النقابات يوم 23 ديسمبر، وتبعه لقاء ثان يوم 26 ديسمبر لاستعراض مضامينه بالتفصيل.
وأضاف محدثنا أن “القانون الجديد حمل عدة تحسينات ومكتسبات مهمة، منها الاستفادة من تخفيض 5 سنوات عن السن القانوني للتقاعد، وتحسين تصنيف الأساتذة مع استحداث رتب جديدة، مثل رتبة ” الأستاذ المميز “، التي تُدمج فيها فئتان: الأساتذة المكونون ذو 7 سنوات خدمة فعلية بهذه الصفة، أو الحاصلون على شهادة الدكتوراه بغض النظر عن سنوات الخدمة.”
وتابع قائلا إن “الأثر المالي الرجعي لتحسين التصنيفات سيتم احتسابه ابتداء من 1 جانفي 2024، مع تثمين المؤهلات والشهادات العلمية في عمليات الإدماج والترقية، وتكييف الحجم الساعي للذين يحضرون لتأهيل علمي في تخصصاتهم.”
وأشار بن عودة إلى أن “القانون يفتح المناصب العليا في الإدارة المركزية والمصالح غير الممركزة والمؤسسات العمومية تحت الوصاية للأساتذة، كما ينص على تخفيض الحجم الساعي للأساتذة في جميع المراحل التعليمية، خاصة للمرتبين في الدرجة 10 فما فوق، واستحداث مناصب مكيفة لمن يعانون من تدهور صحي، بالإضافة إلى إتاحة عطلة علمية لمدة سنة لتجديد معارف الأساتذة.”
أما بخصوص النظام التعويضي، فقد قال المتحدث ذاته إنه “جاء بتحسينات تهدف إلى تعزيز المكانة الاجتماعية لموظفي التربية والتغلب على مشكل القدرة الشرائية، حيث تمثل ذلك في زيادة 30 في المائة من الأجر القاعدي في الراتب الصافي للأساتذة وما ينحدر عنه من رتب ترقية، وزيادة 15 بالمائة لبقية الرتب.”
وفيما يتعلق بالملاحظات، أوضح بن عودة أن “بعض الرتب، مثل المقتصدين ومستشاري التربية والتوجيه والنظار ومديري المؤسسات التربوية، لم تنصفها التعديلات الجديدة، حيث لم يمنح المديرون أعلى تصنيف رغم مسؤولياتهم المتعددة.”
وختم تصريحه بالقول: “أكبر تحسين ومكتسب في القانون الأساسي الجديد هو توضيح المهام بدقة، ما سيسهم في الحد من النزاعات المهنية داخل المؤسسات التربوية.”
ندى عبروس
المستشار التربوي، كمال نواري لـ ” أخبار الوطن “
” القانون الأساسي الجديد جاء بمكاسب هامة لقطاع التربية الوطنية “
أكد المستشار التربوي، كمال نواري، في تصريح لـ “أخبار الوطن”، أن القانون الجديد الذي تم إقراره يمثل إنجازا كبيرا لقطاع التربية الوطنية، مشيرا إلى أنه يمكننا اليوم القول بأن هذا القانون جاء بمكاسب هامة لقطاع التربية الوطنية وستساهم في تحسين ظروف عمل الأساتذة.
وأضاف نواري قائلا:”أبرز هذه المكاسب هي تقليص سن التقاعد بخمس سنوات بناء على طلب الأساتذة، مع توقعات بتعديل قانون التعاقد في الأيام المقبلة.”
كما أشار نواري إلى تحسينات كبيرة في التصنيف الوظيفي، حيث تم تحريك الرتب واستحداث رتب جديدة في جميع الأطوار الدراسية، وهو ما يعزز مبدأ أولوية شهادة التكوين المتخصص لخريجي المدارس العليا للأساتذة.
وقال:”نحن أمام خطوات ملموسة نحو تعزيز حقوق الأساتذة، بدءا من تثمين الأقدمية المكتسبة إلى الاستفادة من الأثر المالي عند الانتقال إلى الرتب الجديدة.”
وفيما يتعلق بالتطوير الوظيفي، أكد محدثنا أنه تم تقليص الحجم الساعي لجميع الأساتذة، وفتح الفرص للترقية في مختلف المستويات التي تشكل امتدادا لمسارهم التعليمي، مضيفا أن “الأستاذ الذي يتابع تأهيلا علميا في مجاله سيستفيد من تكييف الحجم الساعي لتلبية احتياجاته المهنية.”
وتابع نواري بالحديث عن مزايا جديدة لأساتذة القطاع، مثل تكريس حقهم في شغل المناصب العليا الهيكلية في الوزارة، مع تمكينهم من الاستفادة من عطلة تحرك مهني لمدة سنة مدفوعة الأجر لتجديد معارفهم.
وقال: “من بين التعديلات التي نرى فيها فائدة كبيرة هي تخفيض الحجم الساعي الأسبوعي للأساتذة المرتبين في الدرجة العاشرة فما فوق، بالإضافة إلى التأسيس لحركة نقلية سنوية بين الولايات.”
وفي سياق ذي صلة، أشار نواري إلى استحداث مناصب مكيفة للأساتذة الذين يعانون من مشاكل صحية، مع تقديم ملفات طبية، وزيادة الراتب بنسبة 30 بالمائة للأساتذة و منتسبيهم من المناصب الأخرى مثل مديري المؤسسات والنظار والمفتشين.
واختتم نواري حديثه قائلا: “هذا القانون هو نتيجة وعود رئيس الجمهورية التي تم الوفاء بها، ونستطيع القول بكل فخر إن هذا القانون هو ” قانون المربي” الذي يمثل أساس العملية التعليمية في الجزائر، خاصة وأن الأساتذة يشكلون 75بالمائة من موظفي القطاع.”
ندى عبروس
الأمين العام لمجلس ثانويات الجزائر، زبير روينة لـ”أخبار الوطن”:
”نستنكر رفض تقديم مسودة القانون الأساسي للإثراء وندعو الوزير للتدارك”
قال الأمين العام لمجلس ثانويات الجزائر، زبير روينة، إن “الطريقة التي تم التعامل بها مع ملف القانون الأساسي والغموض الذي اكتنفه ورفض تقديم مسودة المشروع للإثراء، وطريقة عرض جزء منه وما أحدثه من فوضى وتفرقة بين أطراف الجماعة التربوية تتنافى وماتتطلبه المدرسة من استقرار وانسجام”.
وأوضح روينة، أن القانون الأساسي الخاص بقطاع التربية الذي ينظم المسار المهني المحفز ويحفظ كرامة الأستاذ، هو مطلب نقابة “الكلا” منذ 2003.
وتابع بالقول، إنه “ورغم مكاسب قانون 2008 وتعديله في 2012 لم يتحقق ما كنا نطمح اليه”.
وأضاف، “ثم اشتغلنا عليه 3سنوات دون جدوى، ليأتي تدخل رئيس الجمهورية لنستبشر خيرا بالرؤيا التي تضمنتها تصريحاته وتعليماته المتكررة في مجالس الوزراء، من خلال إعطاء الأستاذ المكانة الاجتماعية اللائقة كمربي لما لدوره من أهمية في المجتمع”.
واستنكر المتحدث ذاته، الطريقة التي تم التعامل بها مع هذا الملف، معتبرا أنها تؤسس للتفرقة والصراع داخل القطاع، محمّلا وزارة التربية المسؤولية الكبرى في انعكاسات كل ذلك، لأنها بهذا تنحرف عن الهدف الذي كان يرمي إليه رئيس الجمهورية، على حد قوله.
ودعا روينة وزير التربية من أجل التدخل لتدارك مايمكن تداركه، تجسيدا للأهداف التربوية وحفاظا على المدرسة العمومية.
واعتبر الأمين العام لنقابة “الكلا” ما عرض في فضاء الأستاذ من تفاصيل حول الزيادات في الأجور وغيرها تجاوزا للنقابات، في الوقت الذي كانت هذه الأخيرة تطالب بالتفاصيل في ندوات رسمية، مشيرا إلى أنه لا يمكن اعتباره مصدرا بالنسبة لهم.
حكيمة حاج علي