إلى حدِّ السّاعة، ما يزال النّقاش السّياسي في البلاد مرتبطا بالأشخاص؛ ماضيهم، مستواهم، مواقفهم، أحزابهم، مسقط رأسهم، والجّهة التي تقف وراءهم….
وبقدر ما يتمحور النقاش حول الشخص، يبتعد – بالقدر نفسه – عن مشاريع المجتمع التي تبرّر الجدوى من النشاط السياسي بصفة عامة، أو الترشح للمناصب بصفة خاصة.
نقول هذا الكلام لأنه – إلى حدّ الساعة – لا أحد تحدث عن برنامج من برامج المترشحين الخمسة للرئاسيات، بل كل الذين ترشحوا دون استثناء يحاولون منذ الوهلة الأولى التسويق لأنفسهم بدل طرح برامجهم أو مشاريعهم.
فهل يُعقل أن يطلّ علينا مترشح محتمل لمنصب رئيس الجمهورية، في برنامج تليفزيوني ، دون أن نعرف رأيه في الأزمة المالية مثلا؟ وكيف سيتعامل معها؟ أو ما هو مشروعه للمدرسة الجزائرية؟ أو كيف سيتعامل مع مسألتَي الصحافة وحرية التعبير؟ وما هي الأدوات العَمَليّة التي يرتكز عليها برنامجه لمكافحة الغش الضريبي؟ وماذا أعدّ هذا المترشح لحل مشكل تقهقر الخدمات الصحيّة في القطاع العمومي؟ وماذا عن مشروعه لإصلاح نظام التّقاعد؟ وهل له رؤية للنهوض بقطاع السيّاحة؟ هل للمترشح آليات لجعل الجزائريين يسافرون إلى بقاع العالم دون عراقيل مع فتح أبواب الجزائر أمام الأجانب للسياحة والعمل؟
إلى حدّ اللّحظة، لم نسمع هذه النقاشات، لا من قبل أصحابها ولا من قبل الإعلام. لكننا، نُصبح وننام على جدَل مُستَعِر حول فلان وعلاّن؛ فالترويج للذّات من قبل المترشح أو من قبل الأتباع والمُريدين في إطار عملية “ماركتينغ” سياسي تعكس بما لا يدع مجالا للشك أن المشهد مازال لم يتخلّص من عبادة الأصنام السياسية، وأن السلوك المبذول لن يؤدي – إذا ما استمر على ما هو عليه – إلا لصناعة تماثيلَ سياسية لا تسمن ولا تغني من جوع.
وخلاصة القول أن العودة إلى تأطير النقاش حول البرامج والمشاريع السياسية وحدها ما يطهِّر السّاحة ويصنع التغيير ويضع حدا لعبادة الشخصية ومرض الشخصنة.
بلسان: رياض هويلي