بلسان: رياض هويلي
يعتقد الكثير من الجزائريين أن أراءهم كتابٌ منزّلٌ؛ فهي غير قابلة للنقاش بقدر ما هي تحتاج إلى الحفظ والصَون، وهنا يظهر الأنا ويظهر معه سيف التسلّط الذي يفضح نفسه من أول الحديث، من خلال بروز ” الأنا” في مواضيع تهمّ عدة أفراد أو مجموعة أو مجموعات مختلفة اجتماعيا وثقافيا وفكريا وسياسيا. .وربما عقائديا حتى!
استعمال لغة الإلزام على شكل: “لازم، لابد، افعل، دير….” تغلق باب النقاش من أول وهلة، وتخرج الموضوع عن سياقه ومضمونه وتنقله إلى خانة التشخيص، التي تؤدي حتما إلى إعاقة مسار الحوار ووأد الفكرة في مهدها، ومنه يحدث تصادم لفظي قد يتطور إلى عنف كلامي ممكن أن يتحول في سرعة البرق إلى عنف جسدي.
في السنوات الأخيرة، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وما تمنحه من حرية النشر والنقاش، يمكن رصد – دون عناء – مدى افتقارنا إلى أدبيات الحوار، وفي كل المواضيع؛ إذ تبرز النظرة الشخصية ومحاولة فرضها في النقاش دون تقبل رأي الآخر وأحيانا دون منحه فرصة إبداء رأيه، وتقبل اختلافه، أو تميّزه، لتصبح النمطية وحدها الصراط المستقيم عند الغالبية منا، للأسف.
إشكالية الإلزام في حديث الجزائريين، وما يصاحبها من تسلّط واضح قولا وعملا، تبيّن مدى فشل المنظومة الاجتماعية والفكرية في تجسيد قواعد التواصل بين أفراد المجتمع. فمن البيت حيث يغيب التواصل السليم، إلى المدرسة التي أصبحت مجرد امتداد للحضانة، إلى الجامعة التي غُيِّب عنها النقاش، إلى المجتمع المفتوح، يبقى الحوار في الجزائر رهينة اختلال العملية التواصلية من جهة، وتعاظم “الأنا” من جهة أخرى، إلى درجةٍ طُمس في ظلها التمايز الفكري، أقولها آسفا!