أعلنت الرئاسة الفرنسية أن الرئيس إيمانويل ماكرون قرر طرد 12 موظفا في الشبكة القنصلية والدبلوماسية الجزائرية في فرنسا واستدعاء سفير باريس في الجزائر للتشاور، وذلك رداً على قرار الجزائر السيادي بإنهاء مهام عدد من الدبلوماسيين الفرنسيين الذين ثبت تورطهم في أنشطة تتجاوز المهام الدبلوماسية المتعارف عليها.
وكانت الجزائر قد أعلنت الأحد الماضي طرد 12 موظفاً تابعين لوزارة الداخلية الفرنسية، ومنحتهم 48 ساعة لمغادرة البلاد رداً على توقيف موظف قنصلي جزائري في فرنسا، في إجراء اعتبره مراقبون متوافقاً تماماً مع مبدأ المعاملة بالمثل في العلاقات الدبلوماسية.
وفي بيان استفزازي صدر عن قصر الإليزيه، زعمت باريس أن قرار الجزائر “غير مبرر وغير مفهوم”، في تجاهل واضح لحق الدولة الجزائرية السيادي في حماية أمنها القومي وفرض احترام سيادتها على أراضيها، متغاضية عن الأسباب الحقيقية التي دفعت الجزائر لاتخاذ هذا الإجراء.
ويعكس الرد الفرنسي المتهور استمرار عقلية الوصاية التي لا تزال تهيمن على تفكير الإدارة الفرنسية في تعاملها مع الجزائر، بالرغم من مرور أكثر من 62 عاماً على استقلال البلاد. فبدلاً من معالجة القضية الأساسية المتمثلة في توقيف الموظف القنصلي الجزائري بطريقة تخالف الأعراف الدبلوماسية، لجأت باريس إلى التصعيد عبر استدعاء سفيرها والتلويح بورقة ملف الهجرة.
ويرى محللون سياسيون أن فرنسا تحاول استخدام ورقة “التعاون في مجال الهجرة” كأداة ضغط، وهو ما يكشف عن استمرار النظرة الاستعلائية التي تتعامل بها مع الجزائر، متناسية أن العلاقات الدولية المعاصرة تقوم على الندية واحترام السيادة.
وطوال السنوات الماضية، قدمت الجزائر نموذجاً للتعاون المسؤول في كافة الملفات الإقليمية، لكن باريس اختارت مراراً اتباع سياسات تتعارض مع المصالح الجزائرية، خاصة في ملفات إقليمية حساسة مثل ليبيا ومنطقة الساحل.
وعلى الرغم من الدعوة الفرنسية “لاستئناف الحوار”، فإن لغة البيان الفرنسي تكشف عن غياب الإرادة الحقيقية لبناء علاقات متكافئة تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وهو ما يطالب به الجانب الجزائري باستمرار.