لا يمكن فهم الأساليب البالية التي لا تزال تتخذ منها الإدارة الجزائرية مبدأ في التعامل مع الواقع، إلا حين توضع في سياقها السوسيولوجي. سياق يجد امتداداته في تركيبة الفرد الجزائري المجبول على التكتم والغموض وعدم الذهاب مباشرة نحو الهدف. قد نجد التفسير في السياق التاريخي أيضا على اعتبار أن الجزائري عاش طويلا متوجسا من الأخر.
ويمكن تفهم ذلك في دوائر إدارية بعينها، لكن أن تخرج وزارة التعليم العالي وتمنع نشر قوائم المرشحين لشهادة الدكتوراه، فلا يمكن وضع ذلك إلا في سياق الانغلاق والشمولية المقيتة والابتعاد عن المبادئ التي يجب على النخب اعتناقها وهي في الأصل مبادئ ترتكز على الشفافية في كل شيء.
إن فضائح وزارة التعليم العالي من ممارسات هذه المؤسسة التي كان يجب أن تكون قاطرة التغيير فيما سبق، لا تزال مستمرة، في صورة هكذا قرارات.
قرارات تزرع الشك والريبة في نفوس النخب الواعية، فكيف الأمر إذا ما تعلّق بالعامة من الناس. فقدان الثقة في مؤسسات الدولة سببه الانهيار الأخلاقي والقيمي الذي تساهم فيه تلك المؤسسات ونحن نعرف جيدا مستوى الكثير من الإطارات التي درّست أجيالا من الطلبة. وما كان لهم أن يجلسوا على مقاعد الأستاذية لولا هذه الممارسات وقوائم الليل التي كانت ترفع من تشاء وتخفض من تشاء ويصل الأمر لحد أن منصب مدير دراسات بجامعة هواري بومدين شخص لم يتحصل على شهادة البكالوريا وفشل في أمور كثيرة إلا في مقالب الليل.