بلسان: رياض هويلي
عندما يطلع مسؤول سياسي كبير، بحجم رئيس المجلس الشعبي الوطني، ليقول للناس إنه اكتشف – بعد تقاعد مريح بباريس – أن بعضا من سياسات الدولة الجزائرية تجاه قضايا دولية أو إقليمية كانت خاطئة، بل يذهب أبعد من ذلك ويعتبر دعم إحدى أهم قضايا تصفية الاستعمار في العصر الحديث، وهي الصحراء الغربية، مجرد تضييع للأموال وخلق لمشاكل دبلوماسية مع الجارة المغرب؛ فإننا نتساءل هنا عن المواقف المعبر عنها من قبل البرلمان لما كان عمار سعداني على رأس المجلس الشعبي الوطني، ولماذا لم يُجاهر سعداني بهذا الموقف لمّا كان يصول ويجول في أروقة الدولة وقصورها؟!
في اعتقادي، إن تراجع الكثير من المسؤولين وانقلابهم على السياسات التي ظلوا يدافعون عنها خلال فترة حكمهم، إنما يعود إلى مرض مستشرٍ في مؤسسات الدولة، تلك المؤسسات التي اتخذت من الزبانية والمحسوبية والولاء معايير للوصول إلى الحكم والبقاء في المسؤوليات.
ثانيا، إن التحولات التي تعرفها البلاد منذ انطلاق الحراك الشعبي السلمي، وتداعياته على المؤسسات التي شرعت فعلا في فتح ملفات محاربة الفساد، وانعكاس ذلك على العلاقات الخارجية للجزائر، جعل أمثال سعداني يحاولون تقديم خدمات جليلة لبلدان اللجوء الاختياري؛ فسعداني بحديثه عن مغربية الصحراء يحاول إغراء فرنسا التي تقف إلى صف المغرب في هذه المسألة، علَّ وعسى تنفعه يوم تقديم الحساب الذي يبدو ليس بعيدا.عمار سعداني ليس الوحيد الذي ينقلب على مواقف بلاده، إنما هناك الكثير من المسؤولين من باعوا ضمائرهم للخارج. ليكتشف الشعب أن دعاة الوطنية المزيّفة ما هم إلا خونة ومرتزقة استأسدوا عليه بقوة التزوير والقهر…فخابوا وخاب مسعاهم!