…ولأن الديمقراطية في روحها، وتجلياتها تُبنى على شرطين أساسيين؛ أولهما الإيمان بالاختلاف والتصديق به قولا وعملا، والدفاع عنه سرا وعلانية، إلى أن يصبح سلوكا يوميا وثقافة راسخة، في شتى مناحي الحياة.
والشرط الثاني: هو احترام رأي الآخر، مهما كان هذا الرأي، والتصديق بأن الآخر ليس أنا، وأنا لست الآخر، ولا الآخر يمكن أن يكون مكاني ولا أنا يمكنني أن أكون مكانه؛ فلكلٍ منا رأيه، ورؤيته، وفكرته…. الخ.
ومن هذا المنظور، فإن المشروع الديمقراطي يصبح قابلا للتجسيد، إذ أن الإيمان بالاختلاف المصحوب بقبول الرأي الآخر سيؤدي إلى إنتاج بيئة “اجتماعية- ثقافية” تؤمن بالحوار، والحوار سيؤدي حتما إلى الإقناع، ومن دون شك فإن الإقناع هو الآخر تكون نتيجته أو محصلته: التعايش السلمي.
هكذا استطاعت الأمم بناء مشاريع مجتمع، قِوامها الديمقراطية التي أسست لأنظمة حكم الحريات. ووفق هذه المعطيات البسيطة نستشف أن التنابز بالألقاب وسياسة السّب والشتم والتخوين التي اتخذناها خطابا يوميا في محيطنا الضيق وفضائنا العام لن تؤدي إلى بناء مشروع ديمقراطي، بل ستُعمِّق الجراح وتزيد الأزمة تعقيدا، والقلوب نفورا… فهَلُموا معشر القوم إلى عقد اجتماعي يكون فيه الخَلاص للوطن والمواطن.