بكشفها عن نية عرض البطاقية الوطنية الإلكترونية أمام الملأ، تكون السلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات قد خطت خطوة في الاتجاه الصحيح؛ خطوة تحسب لها في هذا الظرف شديد التّعقيد، والذي تواجه فيه كل الهيئات والمؤسسات سهام التخوين.
إن البطاقية الوطنية للناخبين كانت ولا زالت مصدرا للاختلاف والتشكيك من قبل الأحزاب والجمعيات والمواطنين والناخبين، على وجه الخصوص. تشكيك طالما وجد سنده في تلاعب المسؤولين بأرقام الهيئة الناخبة في وقت سابق. .تلاعب ميّزه تناقضٌ شديد بين الأرقام التي تقدّم والواقع؛ فغالبا ما ضمّت القوائم بين طياتها الأموات والأحياء والمهاجرين والأنصار والغائبين، والذين لم يولدوا حتى ! وتكفي يدٌ واحدة لتوقيع آلاف الخانات. إن شبهة التزوير التي لاحقت تنظيم الانتخابات في الجزائر مردُّها – في الأساس – عدمَ شفافية البطاقية الوطنية وعدم قدرة مختلف الأحزاب والهيئات على التحقُّق من العدد الفعلي للناخبين، أو المؤهلين للانتخاب بصفة أدق. و هو جانب احتكرته وزارات الداخلية مند الاستقلال وعاثت فيه فسادا. فكان من نتائجه أن ارتفعت الهيئة الناخبة إلى 24 مليون ناخب وانخفضت إلى 22 مليون ناخب وتأرجحت بين عدد من الأرقام حسب هوى الوزير. وسيحسب لهيئة محمد شرفي أنها أتاحت للجميع – إن حصل بالشكل المعلن عنه – الاطلاع فعليا على البطاقية الوطنية ومعرفة رقم الهيئة الناخبة التي بقيت سرا من أسرار وزارات الداخلية في الجزائر المستقلة. ويبدو أن أكثر من خمسين عاما كافية لكشف المستور.