بلسان: رياض هويلي
المشاهد الوحشية التي تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي لعناصر جيش وأمن الجولاني في تعاملهم مع أحداث الساحل من سحل وتنكيل بمدنيين عزل، مع ضربهم وتعريتهم وسحلهم في الشوارع وتصفية بعضهم في فضاءات عامة، خارج كل الأطر القانونية، يثير الخوف والفزع حول مستقبل سوريا، مستقبل يبدو أن طريقه غير مفروش بالورود. فعكس تلك المظاهر السلمية التي صاحبت سقوط نظام بشار الأسد، يبدو أن ذهنية الإنتقام بدأت تسري في عروق المؤسسات الجديدة.
تقول ذات الأخبار المتواترة أن تصفية المنتمين إلى الطائفة العلوية، يتم بوحشية لا تصدق وأن رجال الجولاني يتصرفون تماما وكأنهم في جبهات القتال وليسوا في مؤسسات يفترض أنها تحتكم إلى القانون.
والواقع أن ما يجري في سوريا، هو نتاج حتمي لتغيير لم يكن سلميا، ولا هو جرى في ظروف طبيعية:
– سوريا، منذ أزيد من عشر سنوات، وهي تحت رحمة رصاص جماعات المعارضارات للنظام على اختلاف إيديولوجياتها، من جهة، وقصف بالبراميل المتفجرة من قبل النظام ومؤيدوه من جهة أخرى.
– سوريا، منذ ما يزيد عن عقد من الزمن، وهي مستباحة من قبل قوى أجنبية: المعارضات منقسمة ما بين تركيا، قطر، السعودية، الإمارات، أمريكا، والنظام مدعوما من روسيا وإيران وحزب الله اللبناني وفصيل عراقي، وكل دولة ظلت تسعى لوضع قدم لها في سوريا مابعد الأسد من خلال فصيلها هناك، في حين ظلت روسيا وإيران تسعيان لاقتسام الكعكة السورية بالحفاظ على نظام الأسد.
– سوريا الأسد، سقطت بلمح بصر، بعدما قاومت السقوط لعقد وما ينيف، تاركة الكثير من الأسئلة الغريبة العجيبة معلقة !
سوريا الجولاني، سطعت مع شمس فجر، حاصدة اعتراف العديد من دول الجوار: تركيا، السعودية، قطر، والجامعة العربية، وفرنسا، ألمانيا، وروسيا وصمت قوى دولية أخرى، تاركة أيضا العديد من الأسئلة العجيبة الغربية معلقة!
– سوريا بتركيبتها الإثنية، وتقاطعاتها المذهبية، بدولتها المفككة، وبجيشها المحل، وبمعارضاتها المتضاربة الرؤى، المختلفة المصالح، المتباينة البرامج، المتعددة الإرتباطات، تجد نفسها في وضع أقل ما يقال عنه صعب للغاية. صعب في إحلال التجانس والتوافق، وصعب في صد أطماع وحسابات دول تريد الإنقضاض على سوريا.
وخلاصة القول: العنف لايمكن أن يحقق “شهوة البقاء في السلطة”، والعنف كذلك لا يمكن أن يبني دولة، العنف أينما حل حل معه الخراب، عم الفناء وتدفن الأحلام.