ثمّة ثوابت في الهيكل المنظم للدولة وحدها ما يضمن النّمو الطبيعي للمجتمع، واستقراره وتطوره السّلس، هذه الثوابت هي أربعة، والاعتداء عليها من أي جهة اجتماعية أو سياسية أو فئوية أو من قبل سلطة من السِّلط سيؤدي إلى الإخلال بتوازن المجتمع ؛ ومنه إعاقة نموه الطبيعي، وبالتالي التأثير سلبا على الحياة اليومية للأفراد أو المواطنين بتعبير أكثر دقة.
هذه الثوابت الأربعة، هي:
أولا: حياد الجيش وابتعاده عن العمل السياسي، ما يسمح لمؤسسات الدولة بممارسة نشاطها تحت مراقبة المواطنين أو جمعيات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والإعلام وطبعا العدالة، فيما يحمي الجيش – باعتباره صاحب القوة الشرعية والمشروعة – المجتمعَ من أي انزلاق، وقبله الحدودَ والسيادةَ الوطنية.
ثانيا: حرية الإعلام واستقلاليته عن أي قوى مؤثرة وفاعلة في المجتمع، سواء كانت هذه القوى تتمثل في مؤسسات أو منظمات أو لوبيات أو أشخاص لهم من النفوذ ما يجعلهم يغيّرون اتجاهات الإعلام.
ثالثا: ثوابت الأمة، أي القواسم المشتركة بين أبناء الوطن أفراد المجتمع الواحد، ينبغي أن تبقى هذه الثّوابت محصنة بوعيدة عن إي احتواء؛ فليس مقبولا ولا من معقول أن تحتكر فئة ما الإسلام، أو الأمازيغية أو العربية أو الوطنية، أو الديمقراطية ، أو. .. فهذه القيم يجب أن تبقى محصنة من أي احتكار أو استغلال، حتى يضمن المجتمع تعايشه ووفاقه.
رابعا: وهو الأهم رغم أن العناصر السالفة الذكر ليست اقل أهمية، هي العدالة، فاستقلالية العدالة، وحدها من تجعل المواطن يعيش معنى الحق، ومعنى الواجب، يعيش المواطنة في أبهى صورها ميدانيا، ومن هنا فغياب العدالة سيؤدي إلى تغول البعض سواء مؤسسات أو جهات أو أفراد، وسيؤدي إلى محاولة تحقيق العدالة خارج العدالة وهنا تبدأ الفوضى. واستقلالية العدالة برأينا لن تكون مالم تقرن باستقلالية القاضي المهنية والاجتماعية.. ومن هنا فإضراب القضاة إشارة قوية وخطوة في طريق الاستقلالية إذا لم تنحصر في المطالب الاجتماعية.