بلسان: رياض هويلي
تصريحان إعلاميان، لزعيمين سياسيين، قلبا المشهد الدولي عموما والعربي خصوصا.
الأول للرئيس عبد المجيد تبون الذي تحدث عن إمكانية تطبيع الجزائر لعلاقاتها مع الكيان الصهيوني، في اليوم ذاته، الذي سيعلن فيه عن قيام دولة فلسطينية؟ وهو التصريح الذي تعامل معه إعلام اتفاقية أبراهام وكأنه وقع فعلا، وأن الجزائر طبعت وانتهى ! أو هكذا تم التسويق للتصريح، وكأني بهم وجدوا العلاج الشافي لعقدة ظلت تنخر صدورهم وهي “بقاء الجزائر صخرة تتحطم عليها مساعي التطبيع”؟
الثاني الذي قلب العالم رأس على عقب، ووضع أنظمة التطبيع العربية أمام خيارات غير مريحة، هو تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: “لا بديل للفلسطينيين إلا مغادرة غزة” ، “ليس أمام مصر والأردن إلا القبول باستقبال الفلسطينيين”، ” نحن بصدد إصدار مرسوم للاعتراف بسيادة الكيان على الضفة الغربية”!
هذا التصريح الحربي، الذي ينبئنا بأوقات عصيبة، في مسار إعادة صياغة المشهد الدولي، يجعل من تصريح الرئيس تبون حول”التطبيع المشروط بقيام دولة فلسطينية”، أكثر واقعية وبراغماتية. بل يؤكد بما لا يدع مجالا للشك، وجاهة الموقف الجزائري، ويضعه في عين العقل الدبلوماسي، كيف ذلك؟
أولا: قيام دولة فلسطينية كما هو متفق عليه (عربيا)، وفق حل الدولتين على حدود 67 واستعادة الجولان السورية وعودة اللاجيئن، يبدو خيارا مستحيلا بمنطق الواقعية السياسية، ومن هنا فلا خوف على تطبيع الجزائر ولا مجال للمزايدات والعنتريات.
ثانيا: ما صرح به الرئيس الأمريكي من تهجير للفلسطينيين، واستعداده لتسليم الضفة الغربية للكيان، هو انقلاب سياسي عنيف، من شأنه أن ينسف كل الاتفاقات والعهود التي أبرمت بين العرب والكيان برعاية أمريكية، بل من شأنه أن يؤدي إلى إعادة صياغة المشهد الدولي عموما والشرق أوسطي خصوصا بصفة شبه كلية، طبعا، وهذا الوضع المستجد سيؤدي حتما إلى استحالة تطبيع الجزائر مع كيان غاصب محتل.
هكذا خدم ترامب تبون، من حيث لا يشعر، وخذل المطبعون ومروجي الوهم، تماما مثلما سينتصر الفلسطينيون على من عاداهم، وتخيب آمال المحتلين ومن جاورهم من عرب التطبيع.