في تطور لافت، جدد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب تهديداته لحركة “حماس”، محذرًا من عواقب وخيمة إذا لم تُفرج عن الأسرى المحتجزين قبل توليه منصبه في 20 جانفي 2025، هذه التصريحات تأتي في وقت حرج، حيث يعاني قطاع غزة من أزمة إنسانية طاحنة نتيجة الحصار الصهيوني المستمر والهجمات الجوية التي تسببت في مقتل العديد من المدنيين وتدمير المنشآت الحيوية في القطاع، ترامب الذي يشتهر بتصريحاته الحادة والمباشرة، يبدو أنه يراهن على ممارسة ضغط شديد على حماس في هذا التوقيت، في خطوة قد تؤثر بشكل مباشر على مجريات الصراع الفلسطيني الصهيوني، فعلى الرغم من ذلك، يواجه ترامب تحديًا كبيرًا في محاولته دفع حماس نحو الاستجابة، حيث أن الحركة تتبنى موقفًا مناهضًا لهذا الضغط الخارجي، فهل تهديد ترامب، لـمقاومة حماس سينهي بقبولها لإطلاق الأسرى المحتجزين لديها؟ وما مستقبل الأوضاع في ظل هاته المعطيات؟
عماد الدين بن جامع/وكالات
وقال ترامب في مؤتمر صحافي بمنتجع مارالاغو بولاية فلوريدا “إذا لم يطلقوا سراحهم “الأسرى” بحلول الوقت الذي أتولى فيه منصبي، فسوف يندلع الجحيم في الشرق الأوسط، ولن يكون ذلك جيدًا لـحماس أو لأي شخص”.
وأضاف ترمب “إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل 20 جانفي 2025، وهو التاريخ الذي سأتولى فيه بفخر منصب رئيس الولايات المتحدة، فسيكون هناك عقاب شديد في الشرق الأوسط، ومن يتحملون المسؤولية عن ارتكاب هذه الفظائع ضد الإنسانية، سيتعرضون لضربات أشد مما تعرض له أي شخص في التاريخ الطويل للولايات المتحدة”.
وتأتي هذه التصريحات في ظل تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، حيث يواصل الجيش الصهيوني عملياته في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن المتوقع أن تؤثر تصريحات ترامب على مسار الأحداث في المنطقة، خاصة مع اقتراب موعد توليه الرئاسة، ويرى مراقبون أن هذه التهديدات قد تزيد من تعقيد الوضع، في وقت تسعى فيه أطراف دولية إلى التوصل لحلول دبلوماسية للأزمة.
تبادل الاتهامات بين الطرفين
وسط جهود الوساطة لحل الأزمة، تبادل الجانبان، الكيان الصهيوني وحماس، الاتهامات بشأن عرقلة المحادثات، تصر حماس على الإفراج عن الأسري المتبقين لديها مقابل إنهاء إسرائيل لحربها وسحب قواتها من غزة، بينما تؤكد إسرائيل أنها لن توقف عملياتها العسكرية حتى يتم القضاء على حماس بالكامل وضمان الإفراج عن جميع الأسري، في مؤتمر صحافي، صرح المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، عدن بار تال، بأن “حماس هي العقبة الوحيدة أمام إطلاق سراح الأسري”، مشددًا على التزام إسرائيل بالتوصل إلى اتفاق
حماس ترد..
من جهته، وصف القيادي في حماس، أسامة حمدان، خلال مؤتمر صحافي عقد في الجزائر، إسرائيل بأنها المسؤولة عن تقويض الجهود الرامية للتوصل إلى اتفاق.
وأكد حمدان على شرط حماس بـ”وقف كامل للعدوان، وانسحاب شامل من الأراضي التي اجتاحتها قوات الاحتلال”.
وفي تعليق على تصريحات الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، التي هدد فيها حماس بـ”جحيم” إذا لم تطلق سراح الرهائن، قال حمدان: “أظن أن رئيس الولايات المتحدة يجب أن يصدر تصريحات مسؤولة وأكثر دبلوماسية”، مشيرًا إلى وصف ترامب لمهلة إطلاق سراح الرهائن بأنها خط أحمر.
قائمة أولية للرهائن
في تطور نحو التوصل إلى اتفاق، أفاد مسؤول في حماس لوكالة “رويترز” بأن الحركة وافقت على قائمة قدمتها إسرائيل تضم 34 شخص من الاسري يمكن إطلاق سراحهم ضمن المرحلة الأولى من الاتفاق، تشمل القائمة جنديات إسرائيليات ومدنيين مسنين وإناث وقاصرين ومع ذلك، صرح مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأن إسرائيل لم تتلق بعد أي تأكيد حول وضع الأشخاص المدرجين في القائمة أو ما إذا كانوا لا يزالون على قيد الحياة.
40 شهيدًا في غزة وتحذيرات من كارثة صحية تهدد المستشفيات
ومن الجانب الميداني، استشهد 40 فلسطينيًا في غارات صهيونية على مناطق مختلفة في قطاع غزة منذ فجر أمس الأربعاء، وفقًا لمصادر طبية، فيما حذرت وزارة الصحة في غزة من كارثة صحية تهدد المستشفيات في القطاع المحاصر، تأتي هذه الهجمات في وقت حساس، مع إطلاق الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تهديدًا جديدًا بشن حرب على حركة حماس في حال عدم إطلاق سراح الأسرى الصهيونيين المحتجزين في غزة.
وأوضحت المصادر الطبية أن من بين الشهداء، 26 استشهدوا في شمال غزة، في حين أفاد مراسل الجزيرة بانتشال جثث 4 شهداء، بينهم رضيع، جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلًا في مخيم البريج وسط قطاع غزة، كما استشهد فلسطيني وأصيب آخرون في قصف استهدف منزلًا في حي الشيخ رضوان غرب مدينة غزة، وأطلقت الطائرات الحربية الصهيونية غارات كثيفة على محيط مستشفى كمال عدوان شمالي القطاع، في حين أفادت تقارير أخرى بمقتل 5 فلسطينيين وإصابة آخرين جراء غارة إسرائيلية على منزل في حي الزيتون جنوبي مدينة غزة، وفي حادث آخر، استشهدت فلسطينية وأصيب آخرون جراء قصف جوي إسرائيلي على خيمة تأوي نازحين في منطقة المواصي غربي خان يونس، وفي سياق متصل، حذرت وزارة الصحة في غزة من كارثة صحية وشيكة تهدد المستشفيات ومحطات الأكسجين وثلاجات حفظ الأدوية وحضانات الأطفال، في ظل النقص الحاد في الوقود.
المحلل السياسي الفلسطيني رائد ناجي لـ”أخبار الوطن”
” لا أعتقد أن تهديدات وتصريحات ترامب سيؤدي إلى تدمير المقاومة”
- “أخبار الوطن”: صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بأن أبواب الجحيم ستفتح لمقاومة حماس إذا لم يتم الإفراج عن الأسرى قبل توليه منصبه في الـ 20 جانفي المقبل. كيف تعلقون على ذلك؟
رائد ناجي: الرئيس ترامب معروف بتصريحاته وميوله الشديد لدعم الاحتلال ومع ذلك، أرى أن هذا التصريح، رغم اندفاعه، لن يؤثر بشكل كبير على الشعب الفلسطيني.
ما قدمه بايدن للاحتلال يفوق بكثيرما يمكن أن يقدمه ترامب، حيث وفر لهم الذخائر والإمكانيات المادية والأسلحة والدعم اللوجستي والمعلومات الاستخباراتية. وبالتالي، فإن هذا التصريح لن يُحدث فرقًا كبيرًا لدى الفلسطينيين.
يبدو أن ترامب يتجه نحو توسيع رقعة الاحتلال، بما يتماشى مع تصريحاته السابقة حول تصفية موضوع غزة وما عُرف بصفقة القرن.
اليوم، يتعدى الأمر ذلك ليشمل الشعب الفلسطيني بأسره، كما أن هناك رسالة أخرى يمكن فهمها على أنها موجهة للمنطقة العربية بأكملها.
في اعتقادي، هذا التصريح يأتي في إطار التخويف والتهديد فقط، لأن الولايات المتحدة لديها أولويات أخرى أهم، مثل مواجهة روسيا، التعامل مع الصين، التوترات في أفريقيا، بالإضافة إلى أولويات اقتصادية أخرى.
- حسب اعتقادكم، هل تهديد “ترامب”، لـ”مقاومة حماس” سينهي بقبولها لإطلاق الأسرى المحتجزين لديها؟
لا أعتقد أن تهديدات وتصريحات “ترامب” سيؤدي إلى تدمير المقاومة. ما قُدم لنتنياهو من دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية من عتاد وأسلحة لإبادة الشعب الفلسطيني والمقاومة، يفوق بكثير ما يمكن أن يقدمه ترامب. باعتقادي، ترامب يسعى للتخويف ومحاولة الضغط على الأطراف الفلسطينية، وربما لمحاولة تحريك الجانب الفلسطيني نحو قبول مفاوضات تتيح لنتنياهو الخروج من الأزمة التي وضع نفسه فيها.
لكن المقاومة لن تخسر شيئًا وستستمر، لأنها تدرك جيدًا أنه إذا وضعت سلاحها واستسلمت لمثل هذه التهديدات، فإن ذلك سيكون نهايتها، وهو ما لن تقبل به. لقد تعرضت المقاومة للعديد من التهديدات من نتنياهو، ونُفذت ضدها هجمات بصواريخ وأسلحة محرمة دوليًا، ومع ذلك استمرت في نهجها المقاوم.
- كيف تتوقعون مستقبل الأوضاع في ظل هذه المعطيات؟
من الصعب اليوم الجزم أو التنبؤ بدقة بما قد يحدث قريبًا في المنطقة العربية، ولكن ربما يمكننا استشعار بعض ما تحدث عنه نتنياهو قبل شهرين ونصف أو ثلاثة أشهر، حين أشار إلى منطقة شرق أوسط جديد وتقسيم خارطة الشرق الأوسط الجديد. ما نشهده من أزمات في مناطق قريبة كسوريا ولبنان وغيرها يشير إلى توجهات جديدة بدأت تظهر في المنطقة العربية. يبدو أن هناك سياسة جديدة تجاه الشرق الأوسط قد تتجه نحو حسم الأمور من خلال تقسيم أطراف عربية وتوسيع رقعة الاحتلال، كما أشار نتنياهو.
الاستقرار في المنطقة العربية، وفق هذه الرؤية، لن يتحقق إلا عبر الولاء المطلق لأمريكا ودفن جميع حركات المقاومة. وما نشهده اليوم من محاربة لكل حركات المقاومة، بغض النظر عن توجهاتها أو أيديولوجياتها، هو في جوهره حرب ضد كل من يعارض، وبالتحديد ضد كلمة “لا”.
أما عن القضية الفلسطينية، فأعتقد أن ترامب سيتجه نحو تصفية القضية أو وضع أسس لتصفيتها، ربما من خلال ما يسمى بـ”صفقة القرن”، مع بعض التعديلات.
سألته: شهيناز شبور
المحلل السياسي العيد محمادي لـ” أخبار الوطن”
“تصريحات ترامب رسالة موجهة إلى خصومه السياسيين”
أوضح المحلل السياسي، العيد محمادي، أن تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب لولاية ثانية، دونالد ترامب، تعكس تصعيداً ملحوظاً في الخطاب السياسي، خاصة فيما يتعلق بالضغط على مقاومة حماس في ملف الأسرى. مضيفا:” أن هذه التصريحات تحمل أبعاداً مختلفة تهدف إلى تحقيق أهداف داخلية وخارجية في آنٍ واحد. ”
وأشار محمادي، إلى أن ترامب قد يسعى من خلال هذا التصعيد إلى كسب دعم داخلي عبر تعزيز صورته كرئيس قوي يتبنى مواقف صارمة تجاه القضايا التي تمس مصالح حلفاء الولايات المتحدة، وعلى رأسهم الكيان الصهيوني، معتبرا أن “التصريحات تمثل رسالة موجهة إلى خصومه السياسيين داخل الولايات المتحدة”، خصوصاً الحزب الديمقراطي، للتأكيد على تبنيه مواقف تخدم الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط. ”
وعلى الصعيد الخارجي، يرى محمادي أن استخدام ترامب لتعبيرات حادة مثل “أبواب الجحيم” يهدف إلى ممارسة ضغوط نفسية على مقاومة حماس، وربما يلمح إلى إمكانية اتخاذ إجراءات عسكرية أو فرض عقوبات اقتصادية إذا لم تتم الاستجابة في ملف الأسرى. ومع ذلك، حذر محمادي، من أن مثل هذا التصعيد قد يكون له تأثير سلبي على الوضع الإقليمي برمته، حيث أن أي إجراء عسكري أو تصعيد سياسي بناءً على هذه التصريحات قد يؤدي إلى تأجيج التوترات ويهدد الأمن والاستقرار في المنطقة. ”
وأضاف محمادي، أن حماس،” بالنظر إلى موقفها الأيديولوجي والسياسي، لن تستجيب بسهولة لهذه التهديدات، حيث تعتمد المقاومة على موقف ثابت قائم على رفض الضغوط الخارجية، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا وطنية ومصيرية مثل ملف الأسرى”، مؤكدا:”على أن المقاومة تدرك تعقيدات المشهد الإقليمي والدولي، ما يدفعها إلى المراهنة على قدرتها على مقاومة الضغوط، في ظل معرفتها بالحدود العملية للقوة الأمريكية في التدخل المباشر داخل قطاع غزة. ”
أما بشأن مستقبل الأوضاع، يرى المحلل السياسي، أن التصريحات قد تفتح الباب أمام عدة سيناريوهات، من بينها احتمال التصعيد العسكري من خلال عمليات مباشرة أو دعم الكيان الصهيوني في ضرباتها على قطاع غزة، أو زيادة الضغوط الدولية عبر فرض عقوبات إضافية أو عزل سياسي لحماس.
وفي الوقت نفسه، حذر محمادي، من تفاقم الأزمة الإنسانية إذا تصاعدت الأوضاع، مما سيؤدي إلى معاناة أكبر للسكان المدنيين.
واختتم محمادي، تصريحه بالقول:” إن حماس قد تتمسك بموقفها، خاصة إذا رأت أن التهديدات هي جزء من الضغط النفسي فقط.” مشيراً إلى أن:” ترامب قد يستغل هذا الملف كجزء من استعراض القوة قبل توليه السلطة بشكل رسمي، لكنه لن يغامر بخطوات واسعة قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي. ومن المتوقع أن تتجه الأطراف على المدى الطويل نحو وساطة دولية قد تفضي إلى تسوية جزئية دون حلول جذرية.”
ش. شبور