تُسابق ولاية سكيكدة، الزمن من أجل تنفيذ العديد من البرامج السكنية في إطار القضاء على السكن الهش وأكواخ الصفيح. والتي تزايدت كالفطريات مؤخرا في الولاية، تحت العديد من “الحجج” أغلبيتها غير مبررة، مما ساهم في مواصلة تشويه النسيج العمراني للولاية، رغم الجهود العديدة التي تبذلها السلطات الولائية للقضاء على بيوت القصدير بالتحديد، والتي باتت تحصي أزيد من 7 آلاف كوخ (حسب مصادرنا المطلعة) أغلبيتها في بلدية فلفلة وحمادي كرومة، التي تحصي أزيد من 1000 كوخ.
جمال بوالديس
مواطنون يصرخون من حرارة الصفيح ويطالبون بالترحيل
يجتمع بشكل يومي العديد من لجان الأحياء ومواطنين في بلديات ولاية سكيكدة، في احتجاجات يومية أمام مقرات البلديات والولاية والدائرة، من أجل المطالبة بالترحيل إلى سكنات لائقة، خاصة أمام الأرقام العديدة التي تصدرها السلطات بتدشين العديد من الوحدات السكنية في إطار القضاء على أكواخ الصفيح والسكن الهش، حيث يسابقون الزمن من أجل الظفر بسكن لائق ينهي كابوس معاناتهم من الصفيح، خاصة في الحرارة العالية التي تشهدها الولاية وفي ظروف جد قاسية ومحيط تسبب في العديد من الأمراض لأطفالهم وشيوخهم، وكوارث (خاصة في موسم الأمطار) دفعت بهم إلى “الصراخ عاليا” وكلهم أمل في أن يصل صوتهم للوالي، فيتم انتشالهم من تلك الوضعية الخطيرة التي تأجلت كل مرة.
سلطات في حيرة وسكان جُدد كل مرة
أمام هذا الواقع المرير الذي يعيشه المواطن في أكواخ الصفيح و”الترنيت” والطوب في ولاية سكيكدة، وخاصة في بلديات فلفلة وحمادي كرومة وحتى سيدي مزغيش والحروش وعزابة، وإن كانت بلديات فلفلة وسكيكدة قد احتلتا المركز الأول في ذلك، فإن السلطات وجدت نفسها محتارة أمام وقف التنامي المتزايد للصفيح في تلك البلديات، واضطرت في العديد من المرات لإجراء إحصاء تلو الآخر لتلك البيوت الهشة وأكواخ الصفيح، حيث علمنا بأنه تم تسجيل أزيد من 1000 “قربي” على مستوى بلدية فلفلة وحدها، وازيد من 700 على مستوى بلدية حمادي كرومة ومثلها في بوشطاطة، وهي الأرقام الخطيرة التي أحبطت جهود الدولة في القضاء على الصفيح، وهنا قال مصدر لـ”أخبار الوطن” عن وجود تواطؤ من قبل لجان الأحياء وحتى مُنتخبين، في تنامي ظاهرة الصفيح غير الشرعي، من خلال التغافل عن البناء الفوضوي. وتسبب في توسيع تلك الأكواخ خاصة في التجمعات السكنية المعروفة، منها العرائس ببلدية فلفلة وظهور “بزناسية” يبيعون مساحات من الأكواخ لفائدة مواطنين نزحوا من بلديات عديدة مقابل أموال ضخمة، وكلهم أمل في الترحيل والاستفادة من الإحصاء الثالث والرابع والخامس والذي لا ينتهي، خاصة أمام تتالي أصوات الاحتجاجات “المشبوهة” والمنظمة في أكثر من مرة، وهو ما صعب من عملية الجرد الحقيقي لساكنة تلك المناطق وعطل من عملية الترحيل.
استباحة مساحات فلاحية وزراعية لإقامة “الأكواخ”
استغل الكثير من المتحايلين خلال السنوات الأخيرة، العديد من الظروف وحتى تواطؤ مسئولين، لإنجاز بيوت قصديرية على حساب أراض زراعية ومساحات غابية، ومواقع كانت تضم هذا النوع من السكن، إثر إعادة إسكان أصحابها في سكنات جديدة، في إطار برنامج القضاء على السكن الهش.
حيث أكدت تحقيقات “أخبار الوطن”، أن “مافيا العقار” عاثت فسادا، من خلال “استباحة” مساحات استرجعتها الدولة لإنجاز مشاريع ذات منفعة عامة، فيما باءت محاولات بعض الجماعات المحلية بالفشل في صد زحف القصدير على أراضيها، رغم برامج الترحيل التي تقابلها آلاف طلبات السكن التي لم تلبى بعد، وبين هذا وذاك، تؤكد مصادرنا أن “الحرب على القصدير مستمرة، غير أن الواقع يشير إلى انتشار غير مسبوق للظاهرة خاص في البلديات القريبة من عاصمة الولاية “سكيكدة”.
القضاء على “الماتش” أكبر حي قصديري في الولاية
رغم العديد من الشبهات التي تحوم حول ملف القضاء على الأكواخ القصديرية في الولاية، نجحت السلطات في ولاية سكيكدة، في القضاء على العديد من تجمعات القصدير والصفيح، أبرزها في بلدية سكيكدة، حيث تم القضاء على أكبر تجمع قصديري بكل من حي الماتش، الزفزاف 1 و2، وبحيرة الطيور، وتهديم 54 بناية فوضوية، إضافة إلى 19 بناية أخرى تم تهديمها على مستوى بلدية المرسى التابعة لدائرة ابن عزوز، أقصى شرق سكيكدة، كما هُدم 56 كوخا قصديريا شيد حديثا على مستوى بحيرة الطيور، ناهيك عن تهديم 21 بناية فوضوية على مستوى منطقة حمروش حمودي التابعة لبلدية حمادي كرومة، والقضاء على العديد من المحتشدات الاستعمارية في 7 بلديات، كما بادرت السلطات بمعية مصالح الامن المختصة بتهديم 160 كوخا قصديريا في أواخر السنة المنصرمة على مستوى كل من بحيرة الطيور والزفزاف.
وهنا أكدت مصادر “أخبار الوطن” أن عملية هدم الأكواخ القصديرية متواصلة، في إطار الإجراءات الردعية الرامية إلى وضع حد لتفاقم البناء الفوضوي بسكيكدة، خاصة الأكواخ، والعمل على وضع حد لظاهرة نهب العقار بطريقة غير شرعية من جهة، ومن جهة أخرى قطع الطريق أمام بعض الأشخاص المتحايلين الذين يعتقدون أن الحصول على مسكن مرهون ببناء كوخ قصديري.
كما أشارت المصادر، إلى نجاح السلطات العمومية على مستوى الولاية خلال السنة الأخيرة، في القضاء على أكبر الأحياء القصديرية بالولاية، سيجعلها أكثر حرصا على ألا تظهر مجددا، وقلل نفس المصدر، من عودة ظاهرة “الأكواخ” في ظل إصرار السلطات العمومية على عدم رجوعها (إلى حد الآن، لم يسجل ظهور أي كوخ، خاصة في الأماكن التي تم تطهيرها من القصدير)، بعد عمليات الترحيل الأخيرة، في انتظار إتمام نفس العملية على مستوى أحياء برج أحمام، بوعباز وحسين لوزاط، إلى جانب حمادي كرومة، حبني بشير وفلفلة.
“حورية مداحي” والي الولاية: “سنجعل من سكيكدة ولاية بلا أكواخ”
في المقابل، والي ولاية سكيكدة، حورية مداحي، أكدت في العديد من المرات حول هذا الموضوع بأن السلطات مستعدة للضرب بيد من حديد إزاء التلاعب في ملف القضاء على السكن الهش والصفيح بالتحديد، خاصة مع جهود الدولة في الإفراج عن الآلاف من السكنات الاجتماعية الموجهة في هذا الإطار، حيث أعطت تعليمات صارمة للقضاء على السكن الهش والصفيح ووقف مافيا “الأكواخ”، حيث حملت كل المسئولين مسئولياتهم في التصدي بقوة لهذه الظاهرة، على اعتبارها تسابق الزمن من أجل تجسيد برنامج “سكيكدة بلا صفيح”.
