استعرض رئيس المجلس الشعبي الوطني سليمان شنين, اليوم الاثنين ببلغراد (صربيا), دور البرلمان الجزائري في مجال “ضمان تطبيق قواعد القانون الدولي وتكريس مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وبلورة أهداف مصادقة الجزائر على مختلف الاتفاقيات الدولية”.
وأكد السيد شنين في كلمة له خلال أشغال المؤتمر 141 للاتحاد البرلماني الدولي حول موضوع “تعزيز القانون الدولي: الأدوار والآليات البرلمانية ومساهمة التعاون الإقليمي”, أن البرلمان الجزائري “يضطلع بوضع تشريعات تتطابق أحكامها مع القانون الدولي أو تتكيف معه, ويتعلق الأمر بكل النصوص التي تضمن تجسيد حقوق الإنسان وحرياته, بما يتماشى مع الالتزامات الدولية للجزائر”.
وأوضح أن البرلمان الجزائري “عمل على إثراء المنظومة القانونية الوطنية في مختلف المجالات بما في ذلك ترسيخ الديمقراطية, التنمية المستدامة, إرساء قواعد وآليات الممارسة الفعلية للحقوق والحريات وضمان مشاركة المجتمع المدني في مختلف جوانب العمل السياسي, ترقية منطق التساوي في الفرص, الوقاية من الفساد ومكافحته, مكافحة الإرهاب والجرائم ذات الصلة والوقاية منهما والحفاظ على البيئة, بما يتوافق مع الالتزامات الدولية للجزائر الناجمة عن المصادقة على مختلف الاتفاقيات الأممية والافريقية والعربية”.
كما أبرز السيد شنين إسهام البرلمان الجزائري في “وضع نظام قانوني يضمن حق مشاركة المواطنين في العمل السياسي, من خلال التصويت منذ أسابيع قليلة على قانونين عضويين, يتمثل الأول في تعديل القانون العضوي المتعلق بالنظام الانتخابي, وتم بموجبه إدراج عدد من التعديلات الضامنة لديمقراطية ونزاهة وشفافية الانتخابات تماشيا مع المعايير المعتمدة دوليا, ويتمثل الثاني في إنشاء السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بما يضمن الانطلاق في مرحلة جديدة ضمن حركية ديمقراطية وطنية من خلال التنصيص على ضمانات غير مسبوقة للفعل الانتخابي الذي يقدس صوت المواطن ويجعله مصدرا وحيدا للشرعية السياسية, تجسيدا للمبدأ الدستوري القاضي بأن الشعب هو مصدر لكل سلطة”.
وقال رئيس المجلس, أن هاذين القانونين العضويين يدخلان في إطار “التجسيد الفعلي لمطالب الحراك الشعبي الذي أبهر العالم بسلميته”, مشيرا إلى أن “الدولة, تطبيقا لأحكام الدستور وعملا بتعهداتها الدولية عملت على مرافقة وتأطير هذا الحراك السلمي, وحماية ومرافقة الشعب في تحقيق مطالبه وعدم السماح بأي نوع من الاختراقات ومناورات التعفين والتأزيم”.
واضاف أنه “لازال بعض المواطنين يتظاهرون منذ سبعة أشهر دون أي قطرة دم او صدام مع قوات الامن, كما نقلت مطالب المواطنين إلى ممثلي الشعب في البرلمان, الذي استجاب سريعا بسن هذين النصين التشريعيين والتي تضمن أحكامهما صحة ونزاهة وشفافية انتخاب رئيس الجمهورية يوم 12 ديسمبر القادم”.
وفي ذات السياق, شدد السيد شنين على أن الدستور الجزائري “أقر للبرلمان دورا مهما ومحوريا في مجال إرساء وتعزيز الديمقراطية ودولة القانون, وهما هدفان رئيسيان للقانون الدولي, وكرس أيضا سمو القانون الدولي على التشريع الوطني”.
واشار في هذا الصدد, إلى مبادرة الجزائر مباشرة بعد استرجاعها لسيادتها, إلى “دسترة انضمامها للإعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948 وإلى كل منظمة دولية تستجيب لمصالح الشعب الجزائري, اقتناعا منها بضرورة التعاون الدولي, وكان ذلك بموجب المادة 11 من دستور 1963, كما أعلنت بموجب دستورها الحالي تبنيها مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وأهدافه وأكدت عملها من أجل دعم التعاون الدولي وتنمية العلاقات الودية بين الدول على أساس المساواة والمصلحة المتبادلة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية”.
وأضاف رئيس المجلس الشعبي الوطني, أن الدولة الجزائرية “لم تتوقف عند دسترة المبادئ الأساسية لمنظمة الأمم المتحدة والقواعد السامية للقانون الدولي, بل تعدته, إثر مصادقتها على أغلبية المواثيق والاتفاقيات والصكوك الدولية المتعلقة بحماية وترقية حقوق الانسان, إلى تكريس وإقرار حقوق وحريات الانسان الأساسية بموجب ما لا يقل على 40 مادة في الدستور”, مؤكدا أن “الجزائر من بين الدول القليلة جدا التي لجأت إلى دسترة حقوق الانسان معتمدة بذلك معايير القانون الدولي لحقوق الانسان”.
كما “عززت” الإصلاحات الدستورية في الجزائر –أضاف السيد شنين– “مكانة السلطة التشريعية ومنحت حقوقا واسعة للمعارضة السياسية التي أصبحت لها أكثر حرية في المبادرة والقدرة على التأثير على عمليات التشريع والرقابة السياسية والمشاركة في الدبلوماسية البرلمانية”, معتبرا أن ذلك “تجسد” من خلال ترأسه كنائب من المعارضة, للغرفة السفلى للبرلمان “كسابقة أولى في تاريخ الجزائر”.
وفيما نوه بـ”مرافعة الجزائر الدائمة لمبادئ وأهداف القانون الدولي”, أكد السيد شنين أن “التحولات الجيوستراتيجية العميقة التي يعرفها العالم اليوم أفرزت تصورات غير متطابقة حول التفعيل العملي للقانون الدولي.. خاصة عندما يتعلق الأمر بضرورة احترام سيادة الدول”, وهو الأمر الذي يستدعي -مثلما قال- “التفكير والعمل من أجل القيام بإصلاحات عميقة في منظمات الحكم العالمي لتضمن الأمن والسلم العالميين وتحافظ للدول كينونتها وسيادتها وللشعوب كرامتها وللمواطنين حقوقهم وانسانيتهم”.