تفتح “أخبار الوطن“، مساهمة منها لتعزيز الذاكرة الوطنية، صدر صفحاتها في شهادات تاريخية مطولة، تحاور فيها الثوار وصناع القرار، والقامات والهامات التاريخية والسياسية، بغية تكريس حق القارئ، في الإطلاع على شؤون الحركة الوطنية، وشجون الثورة التحريرية، والجزائر المستقلة من كبوة الأحادية إلى نكسة التعددية.
وستشرع “أخبار الوطن“، بداية من الأحد القادم، في نشر شهادة ضابط جيش التحرير، الرائد محمد صغير هلايلي، الكاتب الشخصي لعاجل عجول، نائب مصطفى بن بولعيد قائد الولاية الأولى “أوراس النمامشة”، ينثر فيها من جعبته أحداث جسام، بدءا من رحلته من مرابع الصبا “أريس” إلى المعهد الباديسي بقسنطينة، مرورا بالزيتونة، وصولا “لسّرة” الثورة، عندما التحق مطلع 1955 بصفوف جيش التحرير تحت قيادة عاجل عجول.
يفيض فيها بالعديد من الخبايا والخفايا، انطلاقا من الإرهاصات الأولى للثورة والبدايات من إعداد وإسناد (الرجال والمال والسلاح) إلى الطلقة الأولى ليلة غرة نوفمبر 1954، يسرد فيها الدسائس والمؤامرات التي اعترضت الولاية الأولى في عامها الأول، سواء ما تعلّق منها بعمليات اختراقها ثم محاولة وأدها، ثم السعي لإجهاضها من طرف المستدمر الفرنسي، بدءا من اعتقال القائد الروحي مصطفى بن بولعيد ثم أسرار الهروب ثم الاستشهاد، ناهيك عن جملة الاغتيالات التي طالت القيادات، والصراعات التي نشبت في سباق محموم من أجل خلافة القائد التاريخي بن بولعيد، خاصة منها تصفية شيجاني بشير ثم عباس لغرور ثم إعدام العقداء الأربعة لعموري أحمد ومحمد عواشرية وأحمد نواورة ومصطفى لكحل.
ليفرد في شهادته، القصة الكاملة لقضية عاجل عجول بالتفصيل المفصل، مع استوقاف تام وهام عند مؤتمر الصومام، يكشف فيها حقائق ووقائع لأول مرة تروى، وما ترتّب عليها من تداعيات تدحرجت إلى خلاف سحيق، استمر حتى عشية وقف إطلاق النار، وتفجر الصراع على مصراعيه في مؤتمر طرابلس، بين القادة الخمسة والباءات الثلاثة من جهة وبين الحكومة المؤقتة وقيادة الأركان من جهة أخرى، والتسابق المحموم والشرس نحو السلطة بين مكتب تلمسان ومكتب تيزي وزو (حرب الولايات).
ليسترسل المجاهد هلايلي في حديثه، غداة الاستقلال وما تلاه من نزاع وصراع بين الصقور والحمائم حول مفهوم “تشييد الدولة الوطنية”، والكبوات والهفوات التي رافقتها، من صدمات أدّت إلى انقلابات، الأول منها انقلاب بومدين عن بن بلة وانقلاب زبيري على بومدين، هذا الأخير الذي استفرد بالحكم وخاض معارك التأميم والتعريب والثورات الثلاثة (الثقافية والصناعية والزراعية)، ليستكمل حديثه عن مرحلة الشاذلي من الاختيار إلى الانهيار عشية أحداث 5 اكتوبر1988، ليختم شهادته عشية الإطاحة بعبد الحميد مهري “المؤامرة العلمية ” ثم الإبعاد القسري للدكتور بوعلام بن حمودة، مسدلا ستار شهادته بحوصلة المرحلة البوتفليقية من الفكرة “الصعود” إلى العبرة “السقوط”.