يواصل الحوثيون في اليمن استهداف الكيان الصهيوني ردا على تواصل حرب الإبادة في حق الأبرياء والعزل في غزة، حيث قصفوا أمس الأحد مطار بن غوريون الدولي في تل أبيب بصاروخ فرط صوتي، ما أدى إلى حدوث إصابات، وحالة طوارئ في حركة الملاحة، والملفت أن الصاروخ الذي أحدث حفرة “بعرض وعمق عشرات الأمتار”، فشلت منظومات الدفاع في اعتراضه، ما يطرح أكثر من تساؤل حول التقنيات العالية التي يحملها الصاروخ، في وقت فشل العدوان الأمريكي البريطاني على اليمن من ردع المقاومة.
طاوس.ز/ وكالات
أعلنت الشرطة الصهيونية أمس، سقوط صاروخ في محيط مطار بن غوريون قرب تل أبيب الساحلية بعد رصد عملية إطلاق من اليمن وهو الهجوم الذي عجز الجيش ومنظمات الدفاع عن اعتراضه، حيث خلف الهجوم الذي تبناه الحوثيون عدد من الإصابات وحالة طوارئ في الملاحة الجوية لمدة زمنية معتبرة قبل ان تعود الى النشاط.
وذكرت إذاعة الجيش الصهيوني، أن الصاروخ سقط في مطار بن غوريون ولم يتم اعتراضه، مضيفة أن عددا من الأشخاص أصيبوا بإصابات طفيفة، وبثت وسائل إعلام صهيونية مشاهد فيديو تظهر سحب دخان كثيف تتصاعد في منطقة المطار، حيث انطلقت صفارات الإنذار في تل أبيب والعديد من المستوطنات في وسط البلاد.
وأكد صحافيو وكالة الصحافة الفرنسية سماع دوي انفجار في أنحاء القدس وفي محيط مطار بن غوريون في تل أبيب الساحلية، وذكر مسعفون أن ثلاثة أشخاص أصيبوا في الهجوم الصاروخي، وأوضحت خدمة الإسعاف الصهيونية، أنها عالجت رجلاً في الخمسينات من العمر في حالة جيدة إلى متوسطة، وامرأة تبلغ من العمر 54 عامًا في حالة جيدة، جراء انفجار الصاروخ، مشيرة إلى إصابة امرأة أخرى (32 عامًا) بجروح طفيفة أثناء ركضها إلى أحد الملاجئ.
إضافة إلى الإصابات، تسبب الهجوم في توقف حركة الملاحة لساعات قبل أن تعود إلى النشاط وفق تقارير صهيونية، وقال المتحدث باسم سلطة المطارات في بيان مقتضب “تم استئناف عمليات الإقلاع والهبوط بشكل طبيعي، مطار بن غوريون مفتوح ويعمل كالمعتاد”.
الحوثيون يعلنون مسؤوليتهم
أعلنت جماعة “الحوثي” اليمنية مسؤوليتها عن استهداف مطار بن غوريون، مضيفة أن الهجوم تم بصاروخ باليستي فرط صوتي، أصاب هدفه، وأضافت الجماعة، في بيان، أنه “كان من نتائج العملية: فشل المنظومات الاعتراضيةِ الأميركية و(الصهيونية) في اعتراضه”، مشيرة أن الهجوم الصاروخي تسبب في توقف حركة المطار بشكل كامل ولأكثر من ساعة.
وحذرت جماعة الحوثي شركات الطيران العالمية من مواصلة رحلاتِها إلى مطار بن غوريون “كونه أصبح غير آمن لحركة الملاحة”، مؤكدة مواصلتها لمواجهة العدوان الأميركي ونصرة الشعب الفلسطيني مهما كانت التداعيات.
كتائب القسام وحماس تشيدان بالهجوم
قال الناطق باسم كتائب القسام الذراع العسكرية لـ”حماس” أبو عبيدة: “المجد لليمن صنو فلسطين وهو يواصل تحديه لأعتى قوى الظلم ويأبى الانكسار رغم ما يتعرض له من عدوان”.. “المجد لليمن الذي يصعد هجماته على قلب الكيان الصهيوني متجاوزا المنظومات الأكثر تطورا في العالم”.
من جهتها أشادت حركة “حماس” بالهجمات الصاروخية التي تنفذها جماعة “الحوثي” اليمنية ضد الكيان الصهيوني، ووصفتها بأنها “مباركة”، بعد سقوط صاروخ قرب مطار بن غوريون، مؤكدة، أن الضربة الصاروخية، على “مطار بن غوريون”، تعبر عن التزام يمني راسخ بالقضية الفلسطينية.
الكيان يهدد بالرد على هجوم الحوثيين واتهامات لإيران
وفي ردها على هذا الهجوم المباغت، توعد وزير الدفاع الصهيوني، يسرائيل كاتس، الجهة التي أطلقت الصاروخ قائلاً: “من يضربنا فسنرد عليه الضربة 7 أضعاف”، فيما دعا السياسي الصهيوني، بيني غانتس، إلى محاسبة إيران بعد سقوط الصاروخ الذي أطلقه الحوثيون من اليمن في منطقة مطار بن غوريون.
وكتب غانتس، عبر منصة «إكس»، “هذه ليست اليمن، بل إيران، إنها إيران التي تطلق صواريخ باليستية على (دولة الكيان)، وعليها أن تتحمل المسؤولية، مضيفا “يجب على الحكومة (الصهيونية) أن تستيقظ”، معتبراً أن إطلاق الصواريخ على الكيان الصهيوني يجب أن يؤدي إلى رد فعل شديد في طهران.
وقال مسؤول صهيوني إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقد اجتماعًا مع وزير الدفاع يسرائيل كاتس وغيره من كبار مسؤولي الدفاع بعد أن استهدف الحوثيون في اليمن مطار بن غوريون بصاروخ، وبحث الاجتماع في الساعة الثالثة بالتوقيت المحلي الردود المحتملة، بما في ذلك توجيه ضربة مباشرة على أهداف لجماعة “الحوثي” في اليمن، وفقا لموقع “تايمز أوف إسرائيل”، علما أن الاجتماع أيضا سيناقش توسيع العملية العسكرية في غزة، والقتال في سوريا.
وتشن جماعة «الحوثي» التي تسيطر على أجزاء واسعة من اليمن، هجمات بصواريخ وطائرات مسيرة على الكيان الصهيوني، وعلى السفن في البحر الأحمر منذ نوفمبر 2023 دعماً للفلسطينيين في غزة.
“ترومان” تستعد لمغادرة البحر الأحمر
في غضون ذلك، نقلت صحيفة “الثورة” الرسمية في صنعاء عن مصدر في وزارة الدفاع اليمنية قوله إنّ “القطع العسكرية المرافقة لحاملة الطائرات الأميركية “ترومان” وصلت إلى قناة السويس في طريقها لمغادرة البحر الأحمر، مشيراً إلى أن “المهمة الأميركية فشلت في وقف العمليات اليمنية الداعمة للشعب الفلسطيني”.
وأضاف المصدر أنّ مغادرة “ترومان” من البحر الأحمر تُعدّ “دليلاً على فشل العدوان الأميركي البريطاني في تحقيق أهدافه”، وحسب تقارير إعلامية فان التحالف الأميركي البريطاني، شنّ 44 غارة خلال الساعات الماضية، استهدفت محافظات مأرب والجوف وصعدة والحديدة، في تصعيد عسكري هو الأعنف منذ أسابيع.
وفي التفاصيل، توزعت الغارات على النحو التالي: 19 غارة على محافظة مأرب، منها 13 على مديرية مجزر و6 على مديرية مدغل، و10 غارات على محافظة الجوف، استهدفت بشكل أساسي مديرية الحزم، و5 غارات على محافظة الحديدة، منها 4 على منطقة رأس عيسى في مديرية الصليف وغارة على جزيرة كمران، و11 غارة على محافظة صعدة، طالت منطقة طخية في مديرية مجز بـ8 غارات، ومديرية سحار بـ3 غارات.
ويأتي هذا التطور في ظل تصاعد المواجهة المفتوحة بين اليمن والاحتلال الصهيوني والعدوان الأميركي والبريطاني، على خلفية استمرار العمليات اليمنية دعماً لغزة، واستهداف السفن المرتبطة بـ”الكيان الصهيوني” في البحرين الأحمر والعربي.
الدكتور في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بورزق علاء الدين لـ”أخبار الوطن”:
“قدرة الحوثيين على تطوير قدرات هجومية بعيدة المدى، ستُجبر الخصوم على إعادة تقييم مخاطر وتكاليف التدخل العسكري المباشر“
- كيف تفسرون نجاح الحوثيين في إطلاق صاروخ على مطار بن غوريون الصهيوني، وإجبار حاملات الطائرات الأمريكية مغادرة البحر الأحمر، على الرغم من العدوان المتواصل على اليمن؟
من منظور منهجي في العلاقات الدولية، يمكن تفسير هذا النجاح في إطار عدة مفاهيم ومستويات تحليلية:
مستوى الفاعل غير الدولتي وتحدي سيادة الدولة: يمثل الحوثيون هنا فاعلاً غير دولتياً استطاع تطوير قدرات عسكرية نوعية (صواريخ بعيدة المدى وفرط صوتية) تمكنه من تجاوز حدود الدولة اليمنية وإحداث تأثير استراتيجي على مستوى الإقليم، هذا يجسد تحديًا متزايدًا لمفهوم سيادة الدولة المطلقة وقدرة الدول على احتكار أدوات القوة.
في ظل التفوق العسكري التقليدي للتحالف الأمريكي – البريطاني والكيان الصهيوني، تبنت جماعة أنصار الله استراتيجية ردع غير متكافئ تعتمد على استخدام نقاط قوتها غير التقليدية (مثل تكنولوجيا الصواريخ والطائرات المسيرة) لإحداث أثر استراتيجي ونفسي كبير لدى الخصوم، استهداف مطار بن غوريون وإجبار حاملات الطائرات على تغيير تمركزها يمثل تجسيدًا لهذا المفهوم.
يشير هذا النجاح إلى اختلال في التوازن الإقليمي للقوى، ففي حين يمتلك التحالف والكيان الصهيوني تفوقًا نوعيًا في العديد من الجوانب العسكرية، فإن قدرة الحوثيين على تطوير قدرات هجومية بعيدة المدى تُحدث تغييرًا في الحسابات الاستراتيجية وتُجبر الخصوم على إعادة تقييم مخاطر وتكاليف التدخل العسكري المباشر.
تأثير العامل الإيديولوجي: تلعب الأيديولوجية والمظلومية المتصورة دورًا محوريًا في تعزيز قدرة الحوثيين على الصمود وتحمل الضغوط، إن الإيمان بالقضية والدافع لتحقيق أهدافهم السياسية والاستراتيجية يمنحهم قدرة على التكيف والمبادرة رغم الظروف الصعبة.
- الكيان الصهيوني يهدد بالرد على الهجوم، في اعتقادكم كيف سيكون الرد؟
تحليل رد الفعل الصهيوني المحتمل يتطلب الأخذ في الاعتبار عدة عوامل ومفاهيم في العلاقات الدولية:
استراتيجية الردع الصهيونية تاريخيًا، تعتمد على ردع قوي يهدف إلى منع أي تهديدات مستقبلية من خلال الرد الحاسم على أي هجوم يستهدفه، من هذا المنطلق، من المرجح أن يسعى الكيان إلى رد عسكري يهدف إلى استعادة صورة الردع وإظهار أنه قادر على معاقبة من يهدد أمنه.
ومع ذلك، فإن طبيعة الرد ستخضع لعدة محددات أبرزها: تقييم المخاطر من التصعيد الإقليمي، أي رد صهيوني واسع النطاق قد يؤدي إلى تصعيد إقليمي أوسع، يشمل أطرافًا أخرى في محور المقاومة مثل حزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي والحرس الثوري الإيراني، الكيان الصهيوني يدرس بعناية احتمالية وتداعيات هذا التصعيد.
الاعتبارات الداخلية الصهيونية: سيؤثر الوضع السياسي الداخلي الصهيوني، بما في ذلك الضغوط من الجمهور والنظام السياسي، على طبيعة الرد وتوقيته.
الضغوط الدولية: قد تمارس قوى دولية ضغوطًا على الكيان الصهيوني لضبط النفس وتجنب تصعيد إقليمي أوسع.
القدرات العسكرية والاستخباراتية: سيعتمد الرد على تقييم الكيان لقدراته العسكرية والاستخباراتية لتحديد الأهداف وتنفيذ الضربات بفعالية.
وبهذا يمكن تصور عدة سيناريوهات للرد الصهيوني، تتراوح بين ضربات محدودة تستهدف مواقع محددة للحوثيين، وصولًا إلى عمليات عسكرية أوسع نطاقًا قد تستهدف البنية التحتية العسكرية للحوثيين في اليمن. طبيعة الهدف (هل سيكون داخل اليمن أم سيتركز على أصول للحوثيين في مناطق أخرى؟ ستكون حاسمة).
- كيف ترون تطورات الوضع الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط؟
من منظور أكاديمي في العلاقات الدولية، يمكن تحليل تطورات الوضع الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط من خلال عدة اتجاهات رئيسية:
تآكل النظام الإقليمي القائم: يشهد الشرق الأوسط تآكلًا تدريجيًا للنظام الإقليمي الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثاني، بصعود فاعلين غير دولتيين مؤثرين (مثل جماعات المقاومة في لبنان والعراق واليمن وفلسطين)، وتراجع دور بعض الدول الإقليمية التقليدية، وتزايد التدخلات الخارجية، كلها عوامل تساهم في هذا التآكل.
إضافة إلى ذلك يبرز ما يُعرف بـ “محور المقاومة” كقوة إقليمية صاعدة تسعى إلى تحدي النفوذ الصهيوني والأمريكي في المنطقة، هذا المحور يضم فاعلين دولتيين وغير دوليين، يتبنى إيديولوجية مشتركة مناهضة للكيان الصهيوني والولايات المتحدة، ويطور قدرات عسكرية واستراتيجية متزايدة.
تعددية قطبية إقليمية ناشئة: بدلاً من هيمنة قوة إقليمية واحدة، يتجه الشرق الأوسط نحو نظام إقليمي أكثر تعددية قطبية، حيث تتنافس عدة قوى إقليمية على النفوذ والموارد (إيران، تركيا، السعودية، الكيان الصهيوني) هذا التنافس يزيد من حدة الصراعات الإقليمية ويجعل التوصل إلى حلول مستدامة أكثر صعوبة.
تأثير الصراعات الداخلية والإقليمية المتداخلة: تشهد المنطقة سلسلة من الصراعات الداخلية والإقليمية المتداخلة (مثل الصراع في اليمن، وسوريا، وليبيا، والصراع الفلسطيني الصهيوني). هذه الصراعات تغذي بعضها البعض وتزيد من حالة عدم الاستقرار الإقليمي.
إعادة تعريف دور القوى الكبرى: تشهد المنطقة إعادة تعريف لدور القوى الكبرى، خاصة الولايات المتحدة والصين وروسيا. الولايات المتحدة تسعى إلى إعادة تموضع استراتيجي وتقليل انخراطها المباشر، بينما تسعى قوى أخرى إلى ملء الفراغ وتعزيز نفوذها.
تكنولوجيا الحرب غير التقليدية: يشكل استخدام تكنولوجيا الحرب غير التقليدية (مثل الطائرات المسيرة والصواريخ الدقيقة) من قبل فاعلين غير دولتيين، تحولًا نوعيًا في طبيعة الصراعات الإقليمية، مما يقلل من فاعلية التفوق العسكري التقليدي ويفرض تحديات جديدة على الأمن الإقليمي والدولي.
سألته: طاوس.ز
