يكثف الحوثيون في اليمن من هجماتهم ضد أهداف صهيونية في إطار التضامن مع غزة الجريحة، حيث تمكنوا أمس من قصف مقر وزارة الأمن الصهيونية في تل أبيب بصاروخ بالستي فرط صوتي، ما أدى إلى إصابة 11 صهيونيا، متوعدين بمزيد من التصعيد خصوصا في ظل إدخال منظومة جديدة للحرب، منها الصواريخ الفرط صوتية، علما أن الحركة التي تسمي نفسها بـ”أنصار الله” تملك ترسانة سلاحية قد تساعدها في تنويع الهجوم على الكيان الصهيوني حسب الكثير من المتتبعين.
طاوس. ز/ الوكالات
أعلنت جماعة الحوثي في اليمن، صباح أمس، قصفها بنجاح مقر وزارة الأمن الصهيونية في تل أبيب بصاروخ بالستي فرط صوتي، وفشل المنظومات الاعتراضية بالتصدي له، في ثالث عملية خلال 12 ساعة، حيث خلف القصف إصابة 11 صهيونيا، فجر الثلاثاء، جراء تدافع مئات الآلاف نحو الملاجئ بالإضافة إلى تسجيل 4 حالات إصابة بالهلع.
دوت “صفارات الإنذار خلال الساعات الماضية، في وسط الكيان الصهيوني ومنطقة الساحل الجنوبي، عقب إطلاق صاروخ من اليمن”، حسب تقارير إعلامية عبرية، مؤكدة أن الجيش “اعترض الصاروخ قبل دخوله المجال الجوي الصهيوني”
وفي وقت سابق من مساء أمس، دوت صافرات الإنذار في منطقة غور الأردن، ومرج بن عامر، وشمال الضفة الغربية، إثر إطلاق صاروخ آخر من اليمن، وادعى الجيش الصهيوني اعتراضه.
وقال المتحدث باسم الجماعة، يحيى سريع: “نفذنا عملية عسكرية استهدفت ما يسمى بوزارة الدفاع للعدو الإسرائيلي في يافا المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي، فلسطين 2″، وأضاف سريع في بيان أن “الصاروخ البالستي وصل إلى هدفه وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له”، موضحا أن “عملية استهداف يافا المحتلة هي الثالثة خلال 12 ساعة”، وجدد وقوف الحوثيين “مع فلسطين مهما كانت التداعيات”، متوعدًا بتصعيد العمليات “حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة”.
وحسب ما أوردته تقارير إعلامية، فان جماعة الحوثي “لديها بنك معلومات في الداخل الصهيوني وأنها ستستهدف الكثير من هذه الأهداف ردًا على الهجمات الصهيونية على اليمن”، مضيفة “أن جماعة الحوثي قالت إنها ماضية في التصعيد ضد الكيان ضمن المرحلة الخامسة، ولا سيما أنها تحدثت عن أن صاروخ “فلسطين 2″ الذي استهدفت به وزارة الأمن قادر على التخفي والمناورة أمام اعتراضه”.
ويشن الحوثيون من حين إلى آخر هجمات بصواريخ ومسيّرات على الكيان الصهيوني، بعضها استهدف مدينة تل أبيب (وسط)، ويتشترطون إنهاء حرب الإبادة على غزة لوقف هجماتهم، و”تضامنًا مع القطاع دائما باشرت جماعة الحوثي منذ نوفمبر 2023، استهداف سفن شحن صهيونية أو مرتبطة بها في البحر الأحمر بصواريخ ومسيّرات، وردًا على هذه الهجمات، بدأت واشنطن ولندن منذ مطلع عام 2024، شن غارات جوية وهجمات صاروخية على “مواقع للحوثيين” في اليمن، ما أسفر عن قتلى وجرحى ودمار في منشآت بنى تحتية.
في المقابل، أعلنت الجماعة أنها باتت تعتبر السفن الأميركية والبريطانية كافة، ضمن أهدافها العسكرية، وتوسيع هجماتها إلى السفن المارة بالبحر العربي والمحيط الهندي أو أي مكان تصله أسلحتها.
إسقاط 14 مسيرة أميركية خلال سنة
وكانت جماعة أنصار الله “الحوثيين”، قد استهدفت باليمن حاملة الطائرات الأميركية “يو إس إس هاري ترومان” في البحر الأحمر بعدد من الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، وأكد قيادي بالجماعة إسقاط 14 مسيرة أميركية خلال عام وكشف عن منظومات جديدة استخدمت في استهداف الكيان.
وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع، إن الهجوم على حاملة الطائرات الأميركية الأخير والذي تم السبت المنصرم، هو الخامس من نوعه منذ قدومها إلى البحر الأحمر في منتصف ديسمبر، واستهدف أيضا عددا من القطع الحربية التابعة لحاملة الطائرات شمال البحر الأحمر.
وأضاف سريع، أن العملية التي نفذتها القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير حققت أهدافها وأجبرت حاملة الطائرات الأميركية على مغادرة مسرح العمليات.
وأشار المتحدث، إلى “جهوزية قوات الجماعة لمواجهة أي تصعيد أميركي أو صهيوني على اليمن”، كما جدد التأكيد على استمرار عملياتهم العسكرية، مشيرا إلى أنه “لن تتوقف إلا بوقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة”.
وهذا هو الهجوم الثاني الذي يعلنه الحوثيون ضد “ترومان” خلال 24 ساعة، وجاء بعد يوم من تعرض العاصمة صنعاء ومناطق متفرقة شمالي وغربي اليمن، لقصف صهيوني أميركي بريطاني، وفق ما أعلنته جماعة الحوثي، وأكده الكيان الصهيوني.
من جانب آخر، قال رئيس المجلس السياسي الأعلى لجماعة أنصار الله مهدي المشاط، في كلمة له السبت الماضي، إن “قواتنا أدخلت منظومات جديدة، على رأسها صواريخ فلسطين 2 الفرط صوتية، و(مسيرة) يافا، التي تمكنت من اختراق كل منظومات الدفاع الجوية الأحدث في العالم، وأصابت أهدافها بنجاح، وثّقته عدسات الكاميرات (الصهيونية)، واعترف به قادة ومجرمو هذا الكيان”، وتابع “بتدشين الصواريخ الفرط صوتية اليمنية فإن بلادنا أصبحت اليوم واحدة من الدول المتطورة في المجال الصاروخي، حيث لا تملك هذه التقنية إلا دول محدودة في العالم”.
صواريخ باليستية يصل مداها إلى 2000 كيلومتر
نشر معهد أبحاث الأمن القومي الصهيوني، أن الحوثيين يمتلكون في الواقع ترسانة من الصواريخ الباليستية وصواريخ بحر بحر، وأسطولا للطائرات المسيرة الهجومية، مما يؤكد أن طبيعة الرد لن تقتصر على شكل واحد.
وتضم ترسانة الحوثيين الصاروخية نماذج كثيرة، بعضها تم تطويره في البلاد بمساعدة إيران، والبعض الآخر جاء للحوثيين منها مباشرة، كما “يمتلك الحوثيون صواريخ استولوا عليها عام 2014″، وفق تقرير صحيفة “يديعوت أحرونوت”.
وبشيء من التفصيل، نشر مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية ومقره الدوحة تقريرا أشار فيه إلى أن ترسانة الحوثيين تضم صواريخ باليستية إيرانية متقدّمة يصل مداها إلى 2000 كيلومتر.
بالإضافة إلى ذلك، لديهم صاروخا “طوفان” و”قدس 4″، وهما من الصواريخ الإيرانية المتقدّمة من الطراز غدير-إف وشهاب-3، كما يملكون أيضا تشكيلة غنية من صواريخ كروز، يبلغ مداها حوالي 2000 كيلومتر ووزنها نصف طن.
وإلى جانب ذلك، تمتلك الجماعة تشكيلة هائلة من الطائرات المسيرة، منها: “صماد 3″ التي يتراوح مداها بين 1500 و2000 كيلومتر، و”صماد 4” التي يصل مداها إلى أكثر من 2000 كيلومتر. ويضاف إلى ذلك الطائرة المسيرة “وعيد” التي يبلغ مداها 2500 كيلومتر، والتي يمكنها الوصول إلى تل أبيب.
أما القوة البحرية، فيمتلك الحوثيون ترسانة تضمّ نحو 10 أنظمة صاروخية مختلفة، بما في ذلك صواريخ باليستية مضادة للسفن يصل مداها إلى 500 كيلومتر، وصواريخ كروز يصل مداها إلى 800 كيلومتر، ويمتلكون زوارق انتحارية من نوع نذير وعاصف، بالإضافة إلى وحدات بحرية أثبتت نجاعتها في الماضي.
المهتم بالشؤون الوطنية والدولية عبد الرحمان بوثلجة لـ”أخبار الوطن”:
“الحوثيون يعيدون تشكيل المعادلة في الصراع مع الكيان الصهيوني“
أكد المهتم بالشؤون الوطنية والدولية، عبد الرحمن بوثلجة، أن التحركات التي يقوم بها الحوثيون منذ معركة “طوفان الأقصى” أثرت بشكل كبير على الوضع الإقليمي والدولي.
وأوضح أن الهجمات بالصواريخ والمسيرات التي أطلقتها جماعة الحوثي نحو المدن الصهيونية، حقق بعضها إصابات مباشرة كما حدث في تل أبيب، ومثلت تحولًا نوعيًا في مسار الصراع.
وأشار بوثلجة إلى أن الحظر الذي فرضه الحوثيون في منطقة البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، أسفر عن منع السفن المتوجهة إلى ميناء إيلات الصهيوني، مما تسبب في خسائر اقتصادية كبيرة للكيان، خاصة في ظل حاجته المتزايدة للمؤونة والأسلحة أثناء الحرب.
وأضاف أن الصواريخ التي تطلقها جماعة الحوثي تتمتع بتقنيات متطورة، بما في ذلك السرعة الفائقة، حيث تصل إلى أهدافها داخل الأراضي المحتلة في غضون 12 دقيقة، وهو ما يعكس تطورًا كبيرًا في قدراتها العسكرية.
كما أشار إلى فشل منظومات الدفاع الصهيونية مثل “القبة الحديدية” و”مقلاع داوود” في اعتراض هذه الهجمات، ما شكل تحديًا كبيرًا للمحتل الصهيوني.
وفيما يتعلق بالتصعيد العسكري، أكد بوثلجة، أن الهجمات الصهيونية الأخيرة على صنعاء والحديدة، تأتي ردًا على الدعم الذي يقدمه الحوثيون لغزة، مشيرًا إلى أن هذه العمليات تزامنت مع مسيرات مليونية في اليمن تضامنًا مع الفلسطينيين.
كما أشار بوثلجة إلى أن الحوثيين اتخذوا خطوات جريئة في فرض الحظر على السفن واستهداف البوارج الأمريكية، رغم الهجمات الجوية التي شنتها القوات الأمريكية والبريطانية والصهيونية على اليمن.
وأضاف أن الحوثيين أعلنوا مواصلة دعمهم لغزة حتى وقف الحرب، مستفيدين من تضاريس اليمن الجبلية وخبرتهم العسكرية المكتسبة خلال سنوات الصراع.
واختتم بوثلجة تصريحه بالإشارة إلى الاتهامات الموجهة لإيران وروسيا بدعم الحوثيين تقنيًا وعسكريًا، متوقعًا استمرار الهجمات الحوثية حتى التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى أو وقف شامل للحرب، مؤكدا أن الحل للأزمة اليمنية لن يتحقق إلا بجهود دولية وإقليمية مشتركة بين الدول العربية وإيران لتحقيق الاستقرار وإنهاء معاناة الشعب اليمني.
عماد بن جامع
الباحث في الدراسات الاستراتيجية مصطفى دريدي لـ”أخبار الوطن“:
“الكيان الصهيوني قد يضع اليمن نصب عينه بعد انتهاء الحرب على غزة “
- الحوثيون يصعدون من هجماتهم ضد الكيان الصهيوني ونجحوا في استهداف وزارة الأمن ، كيف ترون الدور الذي يلعبه الحوثيون في الحرب على غزة؟
اعتقد أن الحوثيين دخلوا في صراع مع الكيان الصهيوني منذ اللحظات الأولى من بداية طوفان الأقصى، وكان هذا الفعل ردا على ما قام به الكيان الصهيوني من إبادته لسكان غزة، وبالتالي هم السند الذي أتى من اليمن لمساندة المقاومة الفلسطينية في مواجهة الكيان الصهيوني .
الحوثيون في المرحلة الاولى بدؤوا في استهداف البوارج وكل السفن المتوجهة إلى الكيان الصهيوني وبالتحديد إلى ميناء “إيلات”، الذي أصبح مع مرور الوقت فارغا من السفن وبالتالي أحدثوا عجزا اقتصاديا وحصارا اقتصاديا على الكيان الصهيوني، ثم تطورت استهدافات الحوثيين للكيان إلى منطقة “ايلات” فطالت الجانب السياحي فقلت الحركة السياحية في هذه المنطقة المعروفة بقوة جذبها للسياح الأجانب.
بالتالي اليمنيون ساهموا بقسط كبير في الضغط على الكيان الصهيوني لإجباره على إيقاف الحرب التي يخوضها في غزة ضد فلسطين والمقاومة.
- أعلن الحوثيون أنهم أدخلوا منظومة جديدة للحرب على الكيان الصهيوني، بتدشين الصواريخ الفرط صوتية، كيف تفسرون ذلك؟
فعلا الحوثيون طوروا من وسائل المواجهة، فأدخلوا في هذا الصراع ما يسمى بمنظومة الصواريخ الصوتية، بعدما كانت المواجه تتم من خلال ملاحقة أو اعتراض السفن التجارية في البحر الأحمر المتجهة إلى ميناء “إيلات” لتزويد الكيان الصهيوني بالسلع والمعدات، وأصبحت أيضا توجه ضد البوارج الحربية وحاملات البوارج الحربية الأمريكية وحاملات الطائرات، وفرضت عليها الانسحاب عدة مرات من منطقة البحر الأحمر.
وبعدها انتقل الحوثيون في صراعهم مع الكيان الصهيوني، إلى استعمال منظومة صاروخية جديدة، وهي الصواريخ الباليستية الفرط الصوتية، التي أصبحت تصل إلى عمق الكيان الصهيوني، واستهدفت عدة مناطق حيوية وبُنى في داخل الكيان الصهيوني، مما أجبر الكيان على الرد من خلال عملية الردع، وضرب بعض المنشآت كميناء الحديدة ومحطة الكهرباء. لكن هذا لم يثنِ الحوثيين عن التصعيد في اعمالهم العسكرية ضد المحتل الصهيوني، بالرغم من التهديدات التي وصلتهم من هذا الكيان لضرب المزيد من الاهداف الحيوية والبنى التحتية في اليمن، مثل فعلوا مع مطار صنعاء الدولي .
- في رأيكم، ما هو مستقبل الأوضاع في اليمن، خصوصا بعد الهجوم الصهيوني على العاصمة صنعاء؟
الكيان الصهيوني قد يتوصل في أي لحظة، في غضون أيام أو خلال هذا الأسبوع، إلى اتفاق تفاهم مع حركة حماس لوقف إطلاق النار، حسب ما أوردته آخر التقارير، وفي حال حصل ذلك، اعتقد أن الكيان الصهيوني بمساندة أمريكية وغربية، سيوجه أنظاره وكل إمكانياته للتهجم على اليمن وضرب المواقع والبنى التحتية، بحجة القضاء على الحوثيين وضرب القدرات اليمنية، لكن اليمنيين أيضا لن يقفوا مكتوفي الأيدي، ومن الممكن أن تنخرط معهم أيضا كيانات أخرى، وهذا ما سيؤدي إلى دخول الشرق الأوسط في صراع آخر، وسيكون هناك تصعيد للعمليات العسكرية قد يؤثر على مستقبل المنطقة.
طاوس.ز