عبر التاريخ، ظلّت الحركات العمّالية القُوّة الحقيقية لأي عملية تغيير شهدتها الدُّول التي بلغت اليوم مراتب متقدّمة في التطور والرُّقي؛ فالعامل انطلاقا من اهتمامه بمستقبله استنادا إلى واقع اجتماعي واقتصادي، يجد نفسه مضطرا للاهتمام بواقع ومستقبل مؤسسته. ولأن المؤسسات الإنتاجية – في الغالب – مربوطة بالدورة الاقتصادية التي لها تأثير مباشر على القدرة الشرائية والمعيشية للعامل، فإن وعي العامل واهتمامه بالوضع الاقتصادي الشّامل يكون كبيرا مقارنة بفئات المجتمع الأخرى.
في هذه السلسلة التي لا يمكن للاقتصاد أن يكون مفصولا عن تأثيرات الوضع السياسي ومآلات القرار السّياسي، ستفرض المعطيات السّياسية التي ترسم المشهد على العامل الانخراطَ في العمل السّياسي، أو الاهتمام به على الأقل.
ومن هنا، فإن ربط أي حركة احتجاجية عمّالية بالراهن السياسي يبدو طبيعيا، بل هو الصواب عينه؛ فالنقابة ظلت وستظل ظلَّ السّياسة، لكن ما ينبغي أن تتجنبه النقابات التي وُجدت لحماية مصالح عمّالها ومصالح مؤسساتها والوقوف في وجه القرارات والسياسات التي توصف بالمُجحفة هو السقوط في مستنقع السّياسة السّياسوية، أو التّخندق في مشاريع ذات حسابات سياسوية قد ترهن مستقبل العامل وتضر بمصلحة المواطن وتعرقل حركية المؤسسات.
ما يجري اليوم في الجزائر من حَراك اجتماعي، ينبغي أن يكون عامل إضافة لبناء جزائرَ جديدة، يُصان للعامل فيها كرامتُه ورفاهيتُه. ولن يتأتّى هذا إلا إذا انخرط العامل في الدّفاع عن مشاريعَ تكون قاعدتها استقرار البلاد وتطوّرها.