كشفت إقالة وزير الدفاع الصهيوني “غلانت” من قبل رئيس الوزراء “بن يامين نتنياهو” منذ أيام ، الغطاء عن حجم الصراع القائم داخل الحكومة الصهيونية، فرغم سعي القيادات الصهيونية إخفاء هذا الانقسام منذ بداية الحرب على غزة، إلا أن فشل “النتن ياهو” في تحقيق أيا من أهدافه العسكرية في حربه على غزة بسبب بسالة المقاومة، أعاد هذا الخلاف إلى السطح، لدرجة وصل إلى إقالة وزير الدفاع غالانت ما يعني أن “النتن ياهو” فتح باب جهنم على نفسه، خصوصا في ظل تكالب الشارع الصهيوني عليه و الذي يتهمه بكونه من يقف وراء إطالة عمر الحرب وعدم عقد صفقة مع المقاومة من شانها إعادة أهاليهم الأسرى.
يبدو أن فشل رئيس وزراء الكيان الصهيوني “نتنياهو” في تحقيق أيا من أهدافه العسكرية في غزة بعد مرور أكثر من عام من العدوان ، دفعت به إلى حافة الجنون، حيث أضحى يتخبط يمينا و شمالا، في محاولة يائسة لإثبات حنكته السياسية و براعته في الحرب على غزة، ولو كان ذلك على حساب أقرانه داخل الحكومة، حيث لجا منذ أيام إلى إقالة وزير الدفاع “غالانت “من اجل إبعاد أي إمكانية لعقد صفقة تعيد الأسرى إلى أهاليهم أو توقف الحرب التي دعا إليها “غالانت”، هذا الأخير الذي قلّل من أهمية إعلان نتنياهو بأن هدف الحرب تحقيق انتصار كامل ضد “حماس” في غزة، معلقا على تصريحه بأنه مجرّد “هراء”.
وحسب -تصريحات هذا الوزير المقال- فإن أن “نتنياهو” رفض نصيحة المؤسسة الأمنية، بخصوص توقيف الحرب أو عقد صفقة لإعادة الرهائن مما عمق الشرخ السياسي بينهما إلى درجة جعلت العمل بينهما مستحيلا، علما أن “غالانت” هو من حدد معالم الحملة التي تخوضها الدولة العبرية ضد حركة «حماس» في قطاع غزة، و لكنه اختلف جذرياً في النهاية مع رئيس الوزراء بشأن مستقبل و مآلات هذه الحرب، كما اختلف معه بشأن مسألة توسيع المعركة إلى لبنان، وبينما كان المسؤولان على توافق بشأن الجبهة الشمالية مع لبنان، كان الخلاف بينهما عميقاً بشأن الجبهة الجنوبية .
و حسب المتتبعين فإن “الخلافات بين غالانت ونتنياهو بدأت منذ شهر مارس 2023 خلال أحداث التعديلات القضائية”، و الخلاف في الأساس هو “مسألة سياسية”، معتبرة أن غالانت “كان يخطط لاستبدال نتنياهو في محاولة لإحراجه وجعله ضعيفا أمام العالم”، ويعد “غالانت” الوزير الوحيد الذي خرج ضد التعديلات القضائية وصرح أمام العالم بأن ذلك يشكل خطرا على دولة الكيان المحتل، وبعد مرور 24 ساعة على تصريحاته آنذاك أقاله نتنياهو، وتظاهر المستوطنون في جميع أنحاء البلاد بشكل غير مسبوق بمشاركة قرابة مليون متظاهر، وأعلنت حينها نقابة العمال إضراباً عاماً، وتراجع نتنياهو عن قراره بإقالة غالانت، ومنذ ذلك الحين توصف العلاقة بين غالانت ونتنياهو بـ “السيئة”.
وسارع غالانت إلى الإعلان أن الخلاف بينه وبين نتنياهو يعود إلى ثلاثة مواضيع هي: إصراره على سن قانون التجنيد، الذي يضمن مضاعفة عدد الشبان المتدينين المجندين للجيش، والالتزام باستعادة المختطفين، وتشكيل لجنة تحقيق رسمية في أحداث 7 أكتوبر، الأمر الذي أدى إلى إقالته من قبل رئيس الوزراء الذي بدأ يفقد ائتلاف حكومته؛ فالأحزاب الدينية (الحريديم) تصر على تعديل القانون بطريقة تضمن إعفاء الغالبية الساحقة من أبنائهم من التجنيد، وتتهم نتنياهو بالفشل في السيطرة على رفاقه.
وكان رئيس الوزراء الصهيوني “بنيامين نتنياهو” قد أعلن في بيان الثلاثاء الماضي، إقالة “غالانت” من منصبه، وعيّن وزير الخارجية “يسرائيل كاتس” لتولي الوزارة خلفا له، فيما عيّن “جدعون ساعر” وزيراً للخارجيّة، وقال نتنياهو: “أزمة الثقة التي حلت بيني وبين وزير الدفاع لم تجعل من الممكن استمرار إدارة الحرب بهذه الطريقة”، وأثارت خطوة الإقالة احتجاجات عارمة من قبل المستوطنين الذين رأوا أن إقالة هذا الأخير في خضم الحرب التي يخوضها الجيش على عدة جبهات،”أمر جنوني و غير معقول”، ما يوحي بانقسامات كبيرة في القيادة الصهيونية التي لم تعرف كيف تخرج من مستنقع غزة و لبنان التي أبدت المقاومة فيهما بسالة كبيرة .
للتذكير فإن مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، وافق على إصدار مذكرتي توقيف بحق كل من نتنياهو وغالانت بتهم تشمل ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والقتل والتجويع المتعمّد للمدنيين، علماً بأن المذكرتين لم تصدرا بعد.
” النتن ياهو” يواجه تحقيقات في 5 قضايا
كشفت تقارير إعلامية صهيونية، أن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تواجهه 5 قضايا رئيسية، إحداها تتعلق بوثائق سرية، وأخرى بشكوى مقدمة من السكرتير العسكري السابق لرئيس الحكومة، اللواء آفي غيل، إلى المستشارة القضائية للحكومة، و يتناول التحقيق قضية تتعلق بمحاولة بعض مسؤولي مكتب رئيس الوزراء ابتزاز ضابط كبير في الأمانة العسكرية، عبر الحصول على تسجيلات حساسة تخصه، بهدف الوصول إلى سجلات خاصة وتعديلها تتعلق بأحداث وقعت ليلة السادس والسابع من أكتوبر 2023، و القضايا تشمل تسريب وثائق سرية وسرقة معلومات من الجيش ونشرها، في محاولة للتأثير على الرأي العام بشأن صفقة الأسرى.
كما أوضح أن الشكوى المقدمة تتعلق بشبهة تغيير بروتوكولات الحرب في الأيام الأولى من الصراع، وهو ما قد يؤثر على أي لجنة تحقيق مستقبلية.
على صعيد آخر، أشار بعض- الإعلاميين الصهيونيين-، أن نتنياهو، منذ توليه رئاسة الحكومة قبل 17 عامًا، لم يتردد في مهاجمة مختلف مؤسسات الدولة، وأضاف بأنه ومع تصاعد الانتقادات مؤخرا، امتدت الهجمات إلى الجيش ومنظومة الأمن، حيث تم تحميل الجيش مسؤولية الأحداث العسكرية الجارية منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023، بهدف حماية رئيس الوزراء من المساءلة.
وانتقد -هؤلاء- تجاهل الحكومة تزايد عدد القتلى خلال الفترة الأخيرة، مشيرين إلى مقتل 88 جنديًا ومدنيًا خلال شهر واحد، ووجود 101 أسير في زنزانة”، في وقت يُعتقد فيه أن الحرب مستمرة لدوافع سياسية وحزبية، و استمرار الحرب يأتي لأسباب حزبية، مما يؤدي لتصاعد الانتقادات ضد حكومة نتنياهو.
51 شهيدا و 164 مصاب في ظرف 48 ساعة
من جهة أخرى تتواصل حرب الإبادة في غزة ، حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية ، أمس، أن حصيلة قتلى الحرب على قطاع غزة، المستمرة منذ أكثر من عام، ارتفعت إلى 43603 قتلى على الأقل، وقالت الوزارة، في تقريرها الإحصائي اليومي، إنها أحصت خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية “51 شهيدا وإصابة 164 آخرين” نقلوا إلى المستشفيات، موضحة أن القوات الصهيونية ارتكبت 3 مجازر بحق العائلات في قطاع غزة.
وأشارت الوزارة إلى أن العدد الإجمالي للجرحى ارتفع إلى 102929 منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر 2023، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض، و ارتكب الاحتلال مجزرة جديدة في بلدة جباليا شمال قطاع غزة أمس الأحد، راح ضحيتها 36 مواطنا، بينهم 15 طفلا، فيما لا يزال عدد آخر مفقودين.
طاوس.ز
الباحث في الشأن السياسي مهدي درفلو لـ” اخبار الوطن”
” تزايد المعارضة دليل على فشل حكومة نتنياهو من تحقيق أهداف الحرب”
- “أخبار الوطن”: كيف تقرؤون تزايد المعارضة داخل حكومة نتنياهو، خاصة مع إقالته لوزير الدفاع يوآف غالانت نظرا للخلاف الذي حدث بينهما، ومنه انهيار ثقة الشارع الصهيوني بحكومته؟
مهدي درفلو: تزايد المعارضة داخل حكومة نتنياهو هو أمر طبيعي. وذلك لفشل حكومة نتنياهو من تحقيق أهداف الحرب والتي كانت استرجاع الأسرى والقضاء على المقاومة، وهذا ما أدى إلى ضغط شعبي كبير داخل الكيان الصهيوني، يعني المدة طالت والتكلفة زادت ولا نتائج حقيقية. هذا أدى إلى تعارض وجهات النظر مع الجيش، ورفض سياسة نتنياهو المندفعة والتي لا تولي للخسائر المادية والاقتصادية الأهمية الكبرى، فأدى إلى إقالة غالانت في خطوة توحي للاستمرار في سياسته دون رجعة، أما عن ثقة الشارع الصهيوني بحكومته فهي في تراجع مستمر منذ أول يوم للحرب و للأسباب سالفة الذكر وهي طول المدة والتكلفة مع عدم تحقيق أهداف الحرب.
- حسب اعتقادكم، ما هي تداعيات إقالة وزير الدفاع الصهيوني في وقف الحرب؟
أعتقد أن نتنياهو يريد إيصال رسالة واضحة ومباشرة لكل المعارضين داخل حكومته. خاصةً أن مصير كل من يعارض أو يرفض سياسته في الحرب على غزة سيكون مصيره الإقالة على أقل شيء، وهذا ما يرفضه الشارع الصهيوني وترفضه النخب داخل الاحتلال الصهيوني، ما سيزيد الضغط على نتنياهو أكثر تمهيداً لعزله ومحاكمته وهو يعلم ذلك جيداً ويعمل على تحقيق أهداف الحرب بكل شيء ممكن هروباً من المحاسبة.
- حسب رأيكم، هل تنامت فرص المقاومة في ضوء اتساع رقعة الانقسامات داخل حكومة نتنياهو؟
المقاومة لم تتوقف بعد مقتل الشهيد المؤسس احمد ياسين والقائد الكبير الرنتيسي في شهر واحد، بل استمرت وبقوة وبشكل تصاعدي، يعني أن المقاومة لا تنتظر انعكاسات الخارج عليها بقدر ما هي تعمل بما هو موجود لتحقيق غايتها وهو إما النصر أو الشهادة، يعني الانقسام الحاصل داخل الكيان ينفع المقاومة لكنها لا تعول عليه بشكل كبير.
- كيف تتوقعون مستقبل الحرب في غزة في ظل التطورات الحاصلة؟
يجب الإشارة إلى أن هذه الحرب مختلفة عن كل الحروب الأخرى. وقد دخلها الكيان بكل قوته لتحقيق أهدافه وعلى رأسها، إنهاء المقاومة في غزة بشكل كامل، يعني يصعب التنبؤ بمستقبلها، حتى ولو أن البعض يرى أن مع الإدارة الجديدة داخل الولايات المتحدة الأمريكية مع ترامب، سيكون مؤشر لنهاية الحرب.. أقول بل الإدارة الجديدة وإن عملت على شيء ستعمل إما على إشعال الحرب أكثر أو على التسريع في محاولة لإنهاء المقاومة بشكل أكبر مع فتح مجال التطبيع مع الدول العربية.
سألته: شهيناز شبور
المحلل الأمني، دموش مصطفى لـــ”أخبار الوطن”
” الانقسامات الداخلية ستؤدي إلى تصعيد التوترات داخل حكومة الكيان”
أوضح المحلل الأمني، دموش مصطفى، أن إقالة وزير الدفاع الصهيوني يوآف غالانت في وقت الحرب تحمل تداعيات أمنية وسياسية كبيرة على الكيان، وأشار إلى أن إقالته في هذه المرحلة الحساسة قد تؤدي إلى حالة من الارتباك داخل المؤسسات العسكرية، كما أكد أن هذه الخطوة قد تؤثر على ثقة المواطنين في القيادة السياسية، خاصة إذا كانت نتيجة لخلافات داخل الحكومة، وعلى الصعيد الدولي، أشار إلى أن مثل هذه الإقالة قد تضر بصورة الكيان، خصوصًا في علاقتها مع حلفائها الذين يتوقعون استقرار القيادة خلال الأزمات، كما أشار دموش أن الحكومة قد تضم تكتلات سياسية متباينة في رؤاها واستراتيجياتها، وهو ما يعقد اتخاذ القرارات المتعلقة بالأمن، وأكد أن هناك معارضة متزايدة لسياسات نتنياهو، خاصة في تعامله مع الأزمة الأمنية الحالية، مما يعكس غياب التنسيق بين الأجنحة المختلفة للحكومة.
وأضاف أن هناك ضغطًا متزايدًا من الرأي العام الذي يطالب الحكومة بردود فعل قوية وفعّالة لمواجهة التهديدات الأمنية المتزايدة، وفيما يتعلق بمستقبل حكومة نتنياهو، كما أشار مصطفى إلى أن الحكومة في وضع غير مستقر، وأكد أن الانقسامات الداخلية والانتقادات المتزايدة قد تؤدي إلى تصعيد التوترات داخل الحكومة، مما يجعل من الصعب اتخاذ قرارات حاسمة، كما أوضح أن الحكومة إذا فشلت في تقديم حلول فعّالة للأزمات الأمنية، فإن ذلك سيؤدي إلى تراجع الثقة الشعبية وزيادة الضغط السياسي عليها، وأكد في ختام تصريحاته أنه في حال استمرار هذه الديناميكيات، فقد نشهد تحولات سياسية كبيرة أو حتى الدعوة لانتخابات مبكرة في المستقبل القريب.
عماد الدين بن جامع