في تطور مثير للجدل، برزت تقارير تفيد بأن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لديه نوايا لإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط من خلال مقترح غير مسبوق يتمثل في شراء قطاع غزة وربما تقسيمه أو ضمه إلى دول أخرى. وعلى الرغم من أن ترامب لم يعلن رسميًا عن هذا المشروع، فإن الفكرة أثارت جدلًا واسعًا بشأن مدى واقعيتها، وما إذا كانت استمرارًا لنهجه السابق في التعامل مع القضية الفلسطينية، خاصة بعد طرحه لما عُرف بـ”صفقة القرن” خلال فترة رئاسته، و من الناحية العملية، تبقى فكرة “شراء غزة” غريبة ومثيرة للتساؤلات و الاستفزاز حول إمكانية تنفيذها.
عماد الدين بن جامع
يرى البعض أن هذه الفكرة قد تكون امتدادًا للمخططات التي سعت لتصفية القضية الفلسطينية عبر مشاريع اقتصادية بدلًا من الحلول السياسية. فخلال رئاسته، اقترح ترامب حلولًا تعتمد على تحسين الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين بدلًا من منحهم دولة مستقلة، وكان من بين هذه الحلول ما ورد في “صفقة القرن”، التي قوبلت برفض واسع فلسطينيًا وعربيًا، خاصة أنها تضمنت تصورات عن توطين اللاجئين الفلسطينيين في دول أخرى مقابل تعويضات مالية ضخمة. وعلى هذا الأساس، قد لا يكون مقترح شراء غزة بعيدًا عن الفلسفة السياسية التي انتهجها ترامب خلال رئاسته.
لكن من الناحية العملية، تبقى فكرة “شراء غزة” غريبة ومثيرة للتساؤلات و الاستفزاز حول إمكانية تنفيذها. فغزة أرض محتلة، وسكانها الفلسطينيون يتمسكون بحقوقهم الوطنية، ناهيك عن أن قطاع غزة يخضع لحكم حركة حماس، التي ترفض أي مشروع يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية. كما أن الكيان الصهيوني رغم رغبته في التخلص من الأعباء الأمنية التي تمثلها غزة، لم تُظهر أي موقف رسمي تجاه الفكرة، إذ أن أي تغيير في وضع غزة قد يؤدي إلى تطورات غير محسوبة في المنطقة.
الرفض المتوقع لهذا المشروع لن يقتصر على الفلسطينيين وحدهم، فالدول العربية، التي لطالما أكدت على مركزية القضية الفلسطينية، لن تقبل بأي مخطط يهدف إلى تصفية الحقوق الفلسطينية بهذه الطريقة. كما أن المجتمع الدولي، وخاصة الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، قد يرى في الفكرة استمرارًا لنهج أمريكي يهدف إلى فرض حلول غير عادلة، بدلًا من الالتزام بالقرارات الدولية التي تنص على حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.
المتحدث باسم حماس: الاحتلال يمارس حربًا نفسية على فريقنا المفاوض
اتهم المتحدث باسم حركة حماس، في تصريح رسمي، الاحتلال الصهيوني بممارسة حرب نفسية ممنهجة ضد الفريق المفاوض للحركة، في محاولة للضغط عليه لانتزاع تنازلات في المفاوضات الجارية. وأوضح المتحدث أن هذه الأساليب تأتي في إطار استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى إضعاف الموقف الفلسطيني والتأثير على قرارات الوفد المفاوض. وأكدت “حماس” أن هذه الممارسات لن تؤثر على ثباتها في التفاوض، مشددة على أن أي اتفاق لن يكون إلا وفق ما يخدم حقوق الشعب الفلسطيني ومطالبه المشروعة.
وأضاف المتحدث أن الحركة تدرك تمامًا الأساليب الصهيونية في التلاعب السياسي والإعلامي، وأنها تمتلك الخبرة الكافية لإفشال مثل هذه المحاولات، تأتي هذه التصريحات في وقت حساس تشهد فيه المفاوضات تعقيدًا متزايدًا، وسط محاولات صهيونية لتضييق الخناق على المقاومة الفلسطينية. وأكدت حماس أن موقفها ثابت، وأنها لن تسمح بأي مساومة على الحقوق الوطنية تحت أي ظرف من الظروف.
المهتم بالشؤون الوطنية والدولية عبد الرحمان بوثلجة لـــ”أخبار الوطن”
“تصريحات ترامب محاولة لفرض مكاسب سياسية بعد فشل العدوان”
أعرب المهتم بالشؤون الوطنية والدولية، عبد الرحمان بوثلجة، في تصريح لـ”أخبار الوطن” عن استغرابه من التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن قطاع غزة، مشيرًا إلى أن حديثه أقرب إلى لغة المستثمرين العقاريين منه إلى رئيس دولة عظمى كالولايات المتحدة.
وأكد بوثلجة أن هذه التصريحات قد تكون مقصودة بهذه الصيغة، إذ يسعى ترامب من خلالها إلى التأثير على تنفيذ خطته التي قوبلت بالرفض من قبل جميع الدول العربية والمجتمع الدولي، حيث لم تعلن أي دولة في العالم تأييدها الرسمي لها.
وأضاف بوثلجة أن ترامب يدعي أن هناك جهات أعجبت بخطته، لكنه لم يذكر أي أسماء أو دول داعمة، متسائلًا عن الجهة التي ينوي “شراء” غزة منها، في ظل إجماع عالمي على عدم شرعية الاحتلال الصهيوني للقطاع. كما أشار إلى أن تصريحات ترامب بشأن تسليم الكيان الصهيوني لغزة إلى الولايات المتحدة بعد انتهاء الحرب تحمل في طياتها تهديدًا مبطنًا باستمرار العدوان، معتبرًا أن هذه المواقف تندرج ضمن سياسة “كسر العظام” التي ينتهجها ترامب بالتنسيق مع الاحتلال الصهيوني، في محاولة لفرض مكاسب سياسية بعد فشل تحقيقها عسكريًا.
وأشار بوثلجة إلى أن خطة ترامب المزعومة تهدف إلى تهجير الفلسطينيين، وإن كانت واشنطن تتعمد الغموض في تفاصيلها، مشددًا على أن هذا النهج يعكس محاولة لرفع سقف المطالب لصالح الكيان والولايات المتحدة بعد انتهاء العدوان. ورغم ذلك، اعتبر أن هذه التصريحات أفرزت ردود فعل إيجابية على مستوى الدول العربية، حيث شهدت الفترة الأخيرة مواقف قوية من الجزائر، ومصر، والأردن، التي تُعد معنية بشكل مباشر بهذه المسألة، إضافة إلى موقف استثنائي من المملكة العربية السعودية، التي باتت تدرك أن رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لا يسعى للسلام بل لتحقيق طموحات اليمين المتطرف بإقامة “إسرائيل الكبرى”. وأكد بوثلجة أن المرحلة الحالية غاية في الحساسية، خاصة في ظل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى، لافتًا إلى أن الاحتلال يحاول عرقلة المسار من خلال إرسال وفود غير مخولة باتخاذ قرارات حاسمة، ما أثار استياء قطر، التي أبدت انزعاجها من عدم جدية الاحتلال.
وأوضح أن الاحتلال يناور بين تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق وبين قبول المرحلة الثانية، التي تتضمن إطلاق سراح أسرى عسكريين صهاينة، لكنها في الوقت ذاته تفرض وقف الحرب نهائيًا، وهو ما يرفضه نتنياهو، خشية أن تكرّس المقاومة سيطرتها على غزة كأمر واقع.
واختتم بوثلجة تصريحه بالتأكيد على أن سياسة التهجير لن تمر، نظرًا للرفض القاطع من الفلسطينيين والمجتمع العربي، معربًا عن أمله في أن ينتهي هذا الصراع بتحقيق الحلم الفلسطيني بإقامة دولتهم المستقلة، رغمًا عن الاحتلال الصهيوني وداعميه في الغرب.
عماد الدين بن جامع
المحلل السياسي مهدي درفلو لـــ”أخبار الوطن”
“تصريحات ترامب بشأن غزة غريبة ومتناقضة لا يمكن فرضها على أرض الواقع”
وصف المحلل السياسي مهدي درفلو لـ”أخبار الوطن”، تصريحات الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، حول شراء غزة ومنح أجزاء منها لدول أخرى، بأنها بلغت حدًا كبيرًا من الغرابة والتناقض، مؤكدًا أنها لا تتعدى كونها محاولات للفت الانتباه وإثبات حضوره على الساحة الدولية.
وأوضح درفلو أن ترامب، منذ عودته إلى المشهد السياسي، يسعى لإحداث بلبلة بتصريحات متضاربة ليؤكد أن وجوده في السلطة يحدث فرقًا في المشهد الدولي، بينما في الواقع، لا يمكنه ولا يمكن لأي طرف دولي فرض مثل هذه التصورات بالقوة.
وأشار إلى أن الحرب المستمرة منذ أكثر من 15 شهرًا على غزة استخدمت فيها جميع أنواع الأسلحة، بما فيها المحظورة دوليًا، في حرب تطهير عرقي لم تراع أي قيم إنسانية، ورغم ذلك لم يتمكن الاحتلال من فرض إرادته على الفلسطينيين.
وأكد أن تطبيق أي مخططات من هذا النوع يبقى رهينًا بإرادة الشعوب، التي كلما ازدادت صلابة، تعذّر فرض الحلول الخارجية بالقوة. وفيما يتعلق بموقف حركة حماس، شدد درفلو على أن المقاومة ليست مجرد رد فعل، بل هي عقيدة راسخة لا تقبل التنازل عن المبادئ الأساسية، وأهمها عدم ترك الأرض للمحتل، حتى وإن كانت هناك مرونة تكتيكية في بعض القضايا السياسية.
وختم درفلو تصريحه بالتأكيد على أن “الفوضى السياسية التي أثارتها تصريحات ترامب قد تتصاعد في الفترة المقبلة، لكن من المتوقع أن تتقلص مع مرور الوقت، حيث قد يسعى ترامب إلى تقديم نفسه كقائد قادر على حل الأزمات الدولية التي فشل الحزب الديمقراطي في معالجتها”.
عماد الدين بن جامع
المحلل السياسي العيد محمادي لــ”أخبار الوطن”
“تصريحات ترامب مرفوضة دوليًا ومحاولة لفرض واقع جديد بالقوة”
أكد المحلل السياسي العيد محمادي لـ”أخبار الوطن” أن تصريحات الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بشأن شراء غزة ومنح أجزاء منها لدول أخرى، هي تصريحات مثيرة للجدل ولا تحظى بأي شرعية دولية، مشيرًا إلى أن هذه الأفكار ليست جديدة، بل تعود جذورها إلى عام 2016، عندما بدأت إرهاصات ما عُرف لاحقًا بـ”صفقة القرن”، والتي أعلن عنها ترامب في 2019 كمحاولة لإعادة تشكيل الوضع الجغرافي والسياسي في منطقة الشرق الأوسط.
وأوضح محمادي أن “هذا الطرح مرفوض بشكل قاطع، سواء على المستوى الدولي أو من قبل الدول الأوروبية الحليفة للولايات المتحدة، فضلًا عن رفضه من قبل الفلسطينيين بجميع أطيافهم، سواء السلطة الفلسطينية أو فصائل المقاومة، وعلى رأسها حركة حماس، وكذلك الدول العربية”.
وأكد أن أي محاولة لفرض مثل هذه المخططات على الفلسطينيين تتناقض مع القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة، التي تكفل للشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير والعيش بكرامة في أرضه المحتلة. وأضاف أن هذه التصريحات لا تعدو كونها وسيلة للضغط على الفلسطينيين والدول العربية بهدف انتزاع تنازلات جديدة في ملفات أخرى، إلا أن الواقع يشير إلى رفض قاطع لهذا الطرح، ما يجعله مجرد حبر على ورق.
وفيما يتعلق بموقف حركة حماس، شدد محمادي على أن ردها واضح ولا لبس فيه، إذ تعتمد المقاومة كخيار استراتيجي في مواجهة أي محاولة لفرض حلول غير عادلة، مؤكدًا أن أي مساعٍ لفرض هذا المخطط ستواجه بالمقاومة بكافة أشكالها، بما في ذلك الكفاح المسلح، الذي أثبت فعاليته في التصدي للمشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية.
عماد الدين بن جامع