بلسان: رياض هويلي
بدى واضحا الآن، أن فرنسا انتقلت إلى المرحلة الثالثة في صراعها مع الجزائر، فبعد أن تأكدت من تشبث الجزائريين بالدفاع عن مصالح البلد سواء سياسيا أو اقتصاديا أو تجاريا، وأن التنازل عن ملف الذاكرة بات في حكم المستحيل، هاهي تنقض عهدها الذي قطعه الرئيس ماكرون في مكالمته الهاتفية مع الرئيس تبون، بالتأكيد على السعي لتسوية الملفات العالقة بندية كاملة وبحوار في كنف الاحترام، إذ سرعان ما تحرك وزير داخليته اليميني المتطرف، لإجهاض مساعي ماكرون ونسف زيارة بارو، بإقدامه على اعتقال دبلوماسي جزائري، يمارس مهامه في كنف الحصانة الدبلوماسية. فهل نحن أمام جسم حكومي فرنسي واحد؟ أم جسم يعاني الإنفصام؟ أم جسم بأطراف غير متحكم فيها؟
على كل حال، يمكن أن نستخلص من هذه الأزمة، مايلي:
1- أن الأزمة بين الجزائر وفرنسا لن تخمد غدا، بعدما أصبحت الجزائر، ورقة سياسية في التجاذب بين مختلف التيارات السياسية الطامحة لاعتلاء قصر الإليزي.
2- بالنظر إلى الأجندة السياسية في فرنسا، يبدو الرئيس إيمانويل ماكرون، عاجز على التحكم في الوضع الداخلي ببلاده، بل لا يمكنه تحت رحمة الظروف السياسية والإقتصادية القاهرة التي تشهدها فرنسا أن يكون مفتاح الأزمة.
3- يتعين على الحكومة الجزائرية، ألا تترك فرنسا تحول الصراع معها، من قضية سيادة القرار السياسي والأمني والعسكري والاستقلال الإقتصادي بالنسبة إلى الجزائر، إلى صراع مع زمرة من الجزائريين المسؤولين، أو المقربين المنتفعين بامتيازات توفرها الدولة الجزائرية فوق الأراضي الفرنسية.
4- شرح أبعاد الصراع مع فرنسا وخلفياته، سيما ما تعلق منه بمحاصرة نفوذها داخل دواليب صناعة القرار، وقطع سطوتها على القطاع التجاري في السوق الجزائرية، وحرمانها من امتيازات اقتصادية ظلت تصنع رفاهية مواطنيها.
5- سحب ورقة جوازات السفر الدبلوماسية من يد ساسة باريس، من خلال منع أي استخدام للجواز الدبلوماسي، إلا لمن هم في مناصب المسؤولية حاليا. وهذا الإجراء طبعا وقائي إذ يجعل الدولة ومؤسساتها في منأى عن التورط في قضايا ذات طابع يبدو للناظرين متعلق بالأشخاص أكثر منه بالدولة، وهذا حفاظا على حرمة الجواز الدبلوماسي.
6- العمل على تأديب فرنسا، باستخدام أوراق أكثر ضررا لمصالحها، سواء ثقافيا، اقتصاديا.
7- ثم، ماذا لو فاز اليمين المتطرف في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المزمع إجراؤها عام 2027؟ لنتوقع ذلك….
إن المعركة مع فرنسا، هي معركة سيادة القرار، واستقلاليته، ويجب أن تبقى كذلك، إلى غاية خضوعها وقبولها بالتعامل بالندية مع الجزائر وبما يحفظ مصلحة الجزائر، وتلكم أم المعارك.