بلسان: رياض هويلي
سبق لي وقلت أن البلد بحاجة إلى هدوء، فاختلف بعض القوم، في المعنى والمقصد.
بادئ ذي بدء، الهدوء الذي ننشده وندعو إليه، تفرضه حساسية المرحلة. مرحلة جعلت المؤثر الخارجي يلقي بثقله على المعادلة الداخلية بشكل لم يسبق له مثيل. ويستمد هذا الطرح مشروعيته من التحولات العميقة التي تطبع العلاقات بين الدول، عالميا أو إقليميا.
قد يقول قائل، أن القول بحساسية المرحلة قول مردود، على اعتبار أن كل المراحل كانت وستبقى حساسة في مسار الدول والمجتمعات، طبعا هذا قول صحيح. لكن الأصح، أن حساسية الظرف أو المرحلة، نراه أو يتراءى من خلال عودة الهمجية والوحشية كمعيار في ضبط رسم العلاقات الدولية، كأداة في إعادة السيطرة وتقسيم مناطق نفوذ القوى العظمى. من خلال تهديم دول والسعي لتغيير جغرافيتها، من خلال التنصل من كل القيم والأخلاق التي بنيت عليها فلسفة العالم منذ عقود خلت.
الهدوء الذي ننشده، لا يعني السكوت على التجاوزات، وهضم الحقوق والاعتداء على القانون. هو لا يعني كذلك، التخلي عن النقاش السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي. لا، فالهدوء الذي ننشده، في معناه التحلي بالوعي العميق لإدراك ما يدور حولنا وحوالينا والتعامل معه وفق ما يتطلبه الموقف. وفي مقصده، هو الحكمة التي تمكن من التغلب على الصعاب، وتجمع ما يمكن جمعه من القدرات الوطنية، بشرية كانت أو مادية في مشروع وطني يكون سدا منيعا لأي حملة تستهدف المجتمع والبلد.
الهدوء، مطلوب من قبل جميع الفاعلين، مطلوب من قبل السلطة، فهي ملزمة بالهدوء في التعامل مع حاجيات المجتمع والأفراد مهما كانت هذه الحاجيات، فالسلطة بمؤسساتها تملك ما لا يملكه غيرها. والهدوء مطلوب من قبل النخب السياسية والفكرية والثقافية والفاعلين في المجتمع، فهو وحده مفتاح الحوار البناء الهادف.
والهدوء مطلوب لرجل الاعمال والمستثمر والتاجر. إنه حتمية لازدهار الأعمال وتنظيمها وتطويرها.
لكل ما سبق، نحن بحاجة إلى هدوء. فلنهدأ جميعا ففي الهدوء خير كثير.