ربما تبدو المقاربة القادمة غير سويّة أو غير متَّزنة في نظر البعض، إلا أن مؤشرات كثيرة تؤكد أن الإنسان يمكنه أن يتجاوز الكثير من المخاطر بقليل من السلوك المتحضر الذي يمارسه في يومياته. ويمكنه أن يُبعد به شرَّ الكوارث من خلال إدراكه ماهيةَ الأخطار ودوره في تنظيم الشأن العام والعيش المشترك.
ويمكن لفاجعة فيضانات باب الوادي أن لا تتكرر مرة أخرى ؛ إذا ما أحسن الإنسان التعامل مع محيطه، ولو أن مؤشرات ما حدث في سبتمبر المنصرم، بعد أن غرقت عدة أحياء بالعاصمة لا تبشر بخير ؛ فالمؤسسات التي أُوكلت لها مهمة الاستشراف وحماية المدن من الأخطار غير المتوقعة أثبتت – مع الوقت – فشلها وإصابتها بالشّلل والعمى، فلا هي تحركت في الوقت المناسب ولا هي رحلت حتى لا تَزِر وزر ما يحدث. وقد كثر الحديث عن مخططات الحماية والأموال التي تم رصدها لمشاريع لم تصمد في وجه أولى قطرات الخريف في العاصمة كما في تبسة وجانت وأدرار، هذا شق من المعضلة. أما الشقّ الثاني، فيتعلق أساسا بسلوك الأفراد الذين يتعاملون مع محيطهم بكثير من الاستهتار من خلال الرمي العشوائي للمخلفات الاستهلاكية ومخلفات البناء في الورشات كما في البيوت، سلوك ينِمُّ عن غياب رؤية مشتركة للفضاء الذي نعيش فيه، فغالبا ما يكون رمي قارورة بلاستيك في الطريق العام سببا لمآسي لا يمكن تصور حجمها. وفاجعة باب الوادي التي كان لقصور تفكير الإنسان دوٌ كبيرٌ فيها قادرة على تكرار نفسها؛ لأن الإنسان القاصر ذاته ما يزال يعيش في البيئة ذاتها.