بلسان: رياض هويلي
هل نعيش فعلا أزمة اتصال؟ وإذا اعترفنا أننا أمام أزمة اتصال، هل هي نتاج عدم تحكمنا في تقنيات وآليات الإتصال أم لجهلنا لمفهوم الإتصال أم لأننا نحاول السيطرة على العملية الاتصالية دون التحكم في أدواتها؟ أم أننا في الحقيقة لا نعيش أزمة اتصال وإنما نعيش أزمة خطاب أو ما يعرف أكاديميا أزمة رسالة؟
شخصيا تفاجأت، لعودة الحديث مؤخرا، وبطريقة زائدة عن اللزوم، عن ماهية الاتصال السياسي، والانغماس في التعريفات والمفاهيم المتعلقة بالعملية الاتصالية ومكوناتها، وكأننا لا نملك رصيدا مهنيا ولا إعلاميا ولا اتصاليا، بل يخيّل للمستمع أننا في دورة تدريبية لخلق مجتمع إعلامي ما كان له وجود من قبل؟
والواقع، أن الجزائر بمخزونها النضالي، التاريخي والسياسي، تملك رصيدا إعلاميا منذ الحركة الوطنية، وإن كان هذا المنتوج الإعلامي- الإتصالي أخذ أشكالا مختلفة، إلا أنه ظل ملازما للمشروع الوطني وظلا للخطاب السياسي.
ومن ثمة فلا غرابة أن يكون الإعلام الوطني مرافقا للمشروع الوطني، فاتحا له ومسوقا له، ومدافعا شرسا عن مواقفنا وطرحاتنا في المنابر الدولية والإقليمية. فماذا تغير اليوم؟
الملاحظة تبيّن أنه لم يتغير الكثير، بقيت نفس المهام والأهداف، لكن اختلفت الوسائل. فهل هذا يعني أننا في حرب؟
مرة أخرى يخبرنا ذات الواقع أن العالم كله في حرب، حرب من أجل المصالح، حرب من أجل التموقع، حرب من أجل السيادة، حرب من أجل التحرر بالنسبة للبعض، فعلا هي إرهاصات نظام عالمي جديد يتصارع فيه الكبار على النفوذ، والصغار من أجل البقاء، ودول بحجمنا ومستوانا من أجل الإرتقاء والتموقع ضمن طاولة الكبار، وهذا يظهر الإعلام كسلاح جبار في صراع العقائد والأفكار والمصالح.
مرة أخرى نتساءل: هل هذا يعني أننا نعادي وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت أداة للحروب الناعمة؟ أم نسعى للسيطرة عليها، وإذا كان هذا هدفنا، فما إمكانية تحقيق ذلك؟ أم نسعى لاستغلالها بما يخدم المشروع الوطني؟
للمرة الألف، يخبرنا الواقع أن السعي للسيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي، كلام مردود، لسببين اثنين: امتلاك هذه الوسائل وتسييرها من قبل شركات عملاقة لا لسيادة لنا عليها، وثانيا امتيازها بحرية النشر.
وهذا يغنينا عن الإجابة عن باقي التساؤلات، لذلك المطلوب هو رصد الإمكانيات المادية والتقنية اللازمة لتوظيفها لصالح المشروع الوطني، وقبل ذلك وضع الثقة كاملة في رجال ونساء المهنة بما يمكنهم من لعب دورهم المهني والوطني وفق مقاربة تقوم على الأهداف، و بعيدا عن أي وصاية سياسو- إدارية.
بإمكاننا فعل الكثير، ونعرف الكثير، ونملك من الإمكانيات الكثير فقط نحتاج إلى الثقة في بعضنا البعض، إلى الهدوء، الى حرية المبادرة، حرية الفعل، ضمن إطار واع ومسؤول. وهذه مفاتيح النصر في حروب ليست لها نهاية.