وجهت وزارة التربية الوطنية تعليمة صارمة إلى مديري المؤسسات التعليمية العمومية والخاصة، تحذر فيها من تفاقم سلوكيات دخيلة على الوسط المدرسي تهدد سلامة التلاميذ والسير الحسن للعملية التربوية، في ظل التحولات الرقمية وانتشار الهواتف الذكية.
وأوضحت الوزارة في تعليمتها أن الإستعمال الكبير وغير القانوني للهواتف الذكية داخل المؤسسات التربوية أصبح يشكل خطرا على العملية التعليمية ككل.
وكشفت الوزارة عن تسجيل تجاوزات من قبل التلاميذ وحتى من طرف بعض الأساتذة الذين يصورون فيديوهات داخل المؤسسات والأقسام ونشرها عبر مواقع التواصل الإجتماعي دون إذن التلاميذ وأوليائهم، محذرة في نفس الوقت من مخاطر إدمان الشاشات وتأثيرها على الصحة البدنية والعقلية والنفسية للتلاميذ، مع إطلاق حملة توعوية وتحسيسية بالتنسيق مع قطاع الصحة.
كما حملت ذات التعليمة تحذيرات من الإنتشار الكبير لإستهلاك المشروبات الطاقوية وسط التلاميذ، وهو الأمر الذي أمرت بمنعه فورا، واعتبار إدخالها إلى المؤسسة مخالفة صريحة للقانون الداخلي للمؤسسة.
وحذرت الوزارة من إنتشار تحد في شكل ترند يدعى “تحدي البارسيتامول” وسط التلاميذ، ويتمثل هذا التحدي في تناول جرعات مفرطة من دواء البراسيتامول بهدف التباهي أو اختبار التحمل، وهي الأفعال التي قد تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة قد تتسبب في الوفاة.
وأمرت الوزارة بضرورة إطلاق حملات تحسيسية تستهدف التلاميذ والأولياء لتحذيرهم من انتشار هذا التحدي، وتوفير المعلومات الصحية للمخاطر المحتملة من الإفراط في تناول دواء البراسيتامول.
وشملت تحذيرات الوزارة الوصية في التعليمة التي وصفتها بالإستعجالية، عدة ممارسات أخرى على غرار التدخين وتعاطي السجائر الإلكترونية، الممارسات غير اللائقة بالسلوك والهندام، وظاهرة تمزيق الكتب والكراريس في نهاية الموسم الدراسي، وهي السلوكيات التي أمرت بمحاربتها من خلال تكاثف جهود جميع المتدخلين، مع تكثيف الحملات التحسيسية والرقابية.
ووجهت الوزارة تعليمات صارمة بضرورة وضع حد لهذه الظواهر الدخيلة على المؤسسة التعليمية، من خلال الحرص على تطبيق النظام الداخلي للمؤسسة والسهر التام على احترامه من طرف كل أعضاء الجماعة التربوية في المؤسسة التعليمية، مع تعزیز دور مستشاري التوجيه والإرشاد المدرسي في المرافقة النفسية وخاصة تجاه التلاميذ في وضعية هشة
إضافة إلى دعوة مهنيي الصحة المدرسية من خلال نشاط ومهام وحدات الكشف والمتابعة إلى تكثيف نشاطات التوعية والتحسيس بكل الجوانب ذات العلاقة بصحة التلاميذ الجسدية والعقلية والنفسية، مع تحفيز التلاميذ على الانخراط في الجمعيات الثقافية والرياضية المدرسية وممارسة الأنشطة الثقافية والرياضية التي تنظمها المؤسسة التعليمية
كما دعت الوزارة إلى إدماج أنشطة تربوية ختامية تشجع على تقييم جهود السنة الدراسية واختتامها بطريقة إيجابية مع تشجيع التلاميذ المتميزين سلوكياً بجوائز تقديرية، مع تنظيم عملية جمع وفرز الكراريس والكتب غير المستعملة لضمان إعادة تدويرها عبر مبادرات بيئية داخل المدرسة، وتحفيز التلاميذ على المشاركة فيها
وحثت الوزارة إلى ضرورة إشراك المجتمع المدني في تقديم برامج تربوية وتوعوية ضمن الأنشطة المكملة للمدرسة تساهم في تحسيس التلاميذ بمخاطر المظاهر الدخيلة.
ن.ع
رئيس المؤسسة الجزائرية لإطارات التربية والتعليم، عومر بن عودة لـ”أخبار الوطن“
“ظواهر دخيلة وسلوكيات سلبية تستدعي تجند الجميع لإنقاذ المدرسة الجزائرية“
صرّح الأستاذ عومر بن عودة، رئيس المؤسسة الجزائرية لإطارات التربية والتعليم، في حديثه لـ”أخبار الوطن”، أن بيان وزارة التربية الوطنية بشأن بعض الظواهر الدخيلة على المؤسسات التعليمية، “جاء في وقته المناسب”، مشيراً إلى أن “الأسرة التربوية كانت تنتظر مثل هذه الخطوة منذ فترة، نظراً لتفشي سلوكيات دخيلة تسيء لقدسية المدرسة الجزائرية ورسالتها السامية“.
وأوضح بن عودة أن “المدرسة لم تسلم في السنوات الأخيرة من تأثيرات سلبية، مسّت القيم المجتمعية والدينية والوطنية، وحتى البعد الاقتصادي، مما يشكّل تهديداً حقيقياً لمنظومة التربية ولجيل المستقبل المعوّل عليه في استكمال مسيرة البناء الوطني“.
ولم يخف المتحدث قلقه من تنامي هذه السلوكيات، مرجعاً ذلك إلى “الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي، وغياب الوعي لدى بعض التلاميذ، نتيجة ضعف الرقابة الأسرية وعدم كفاية الجهود المبذولة لتحصين الأبناء من سوء استخدام الهاتف النقال”، مشيراً إلى أن “استخدام الهاتف داخل القسم أدى إلى تراجع مستوى التركيز، ما أثّر بشكل مباشر على التحصيل الدراسي، وعلى الصحة النفسية والجسدية للتلاميذ“.
وأضاف أن “المدرسة الجزائرية، وإلى عهد قريب، لم تكن تعرف مثل هذه التصرفات، نظراً لغياب الهواتف المحمولة آنذاك”، مؤكداً أن “التكنولوجيا الحديثة ساهمت بشكل كبير في انتشار هذه الظواهر المستجدة“.
وشدّد رئيس المؤسسة على أن “مواجهة هذه الظواهر مسؤولية جماعية”، داعياً إلى “تجند كافة شركاء المنظومة التربوية من أساتذة وأولياء وسلطات محلية ومختصين، كلٌّ من موقعه”، مشيراً إلى أن “المدرسة هي النواة الصلبة لبناء أي مجتمع، وحمايتها واجب وطني لا يقبل التأجيل“.
واقترح المتحدث جملة من الآليات لمواجهة هذه السلوكيات، أبرزها “تفعيل وتحيين النظام الداخلي للمؤسسات التربوية، وتكثيف حملات التوعية والتحسيس من قبل مستشاري التوجيه والإرشاد المدرسي، إضافة إلى تعزيز دور الأستاذ داخل القسم، وتوثيق العلاقة بين الأولياء والمدرسة عبر المتابعة المستمرة والزيارات الدورية للسؤال عن سلوك أبنائهم“.
وختم بن عودة تصريحه بالتأكيد على أن “هذه الإجراءات من شأنها إعادة الهيبة للمدرسة الجزائرية، وتمكينها من أداء رسالتها النبيلة وتحقيق أهدافها التربوية والتكوينية“.
ندى عبروس