امتدت تداعيات الحرب الصهيونية العدوانية على غزة ولبنان إلى العديد من العواصم الأوروبية، حيث أصبح الصراع في الشرق الأوسط ينعكس على الشوارع الأوروبية، في صورة توترات ومواجهات بين مؤيدي القضية الفلسطينية ومناصرين للكيان الصهيوني.
وعلى وجه الخصوص، شهدت مدينة أمستردام تصاعدا مفاجئا للغضب والتوتر بعد مباراة كرة القدم التي جمعت أحد أندية الكيان الصهيوني مع فريق “أياكس” الهولندي، حيث تحولت شوارع المدينة إلى ساحة للعديد من المشاهد الدراماتيكية.
الحادثة التي بدأت كهتافات عدائية ضد العرب والفلسطينيين، تحولت سريعا إلى مواجهات شملت الاعتداء على العلم الفلسطيني، مما أثار غضب الجاليات العربية والمسلمة في المدينة.
الأحداث التي شهدتها أمستردام ليست مجرد فصول من العنف الرياضي، بل هي رسالة واضحة عن تأثير الصراعات السياسية في الشرق الأوسط على أوروبا، كما أنها تبرز العداء العميق والمتجذر الذي يكنه مؤيدي الكيان الصهيوني تجاه العرب والفلسطينيين.
ندى عبروس
وفي هذا السياق، استغل الكيان الصهيوني على الفور أحداث أمستردام لتصنفها ضمن موجات معاداة السامية والعنصرية ضدها في أوروبا، متهمة العرب والمسلمين بالوقوف وراء هذه الظاهرة.
” مباراة الشغب .. الهتافات العدائية والمشاهد الصادمة “
أضحت مباريات كرة القدم ساحة مفتوحة للعنصرية التي تمارسها مجموعات مشجعي بعض الأندية الرياضية الصهيونية، حيث شهدت مباراة بين أحد أندية الكيان الصهيوني وأياكس الهولندي هتافات عدائية موجهة للعرب والفلسطينيين.
وقد أثارت هذه الهتافات استفزازًا واضحًا لدى الجماهير الحاضرة، خصوصا أبناء الجالية العربية والإسلامية.
ومع نهاية المباراة، التي خسرها فريق الكيان الصهيوني، اندلعت مناوشات بين المشجعين، مما دفع الشرطة الهولندية بتوقيف العديد من الأشخاص، بتهم تتعلق بحيازة الألعاب النارية والإخلال بالنظام العام.
في هذا السياق، أصدرت بلدية أمستردام قرارًا بحظر المظاهرات لمدة ثلاثة أيام، معتبرة أن الأحداث فاجأت أجهزة الأمن المحلية.
” الاعتداء على الرموز الوطنية .. العلم الفلسطيني في مرمى الهجمات “
لم تقتصر الاعتداءات في أمستردام على الهتافات العدائية فحسب، بل شملت استهداف الرموز الوطنية الفلسطينية، حيث قام مشجعو فريق الكيان الصهيوني بتمزيق العلم الفلسطيني بعد إنزاله من أحد المباني العامة.
هذا العمل ليس مجرد اعتداء على رمز وطني، بل هو تعبير صارخ عن الكراهية وإهانة مباشرة للهوية الفلسطينية.
وقد تصاعد التوتر بشكل كبير بين مشجعي فريق الكيان الصهيوني والمواطنين العرب، وسط دعوات إلى توفير الحماية للجاليات العربية والفلسطينية.
وقد أظهرت مقاطع الفيديو المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي تصرفات عدائية أخرى، حيث قام عدد من مشجعي فريق الكيان الصهيوني باستفزاز سائقين من أصول عربية، مما دفع البعض إلى التساؤل حول الدور الذي يلعبه الأمن الهولندي في مواجهة مثل هذه الأفعال العنصرية.
” حادثة أمستردام .. الخارجية الفلسطينية تندد اعتداء على رمزية العلم الفلسطيني “
نددت وزارة الخارجية الفلسطينية، بهتافات المعادية للعرب، والاعتداء على رمزية العلم الفلسطيني في العاصمة الهولندية أمستردام.
وقالت الخارجية الفلسطينية في بيان لها : “ندين الهتافات المعادية للعرب، والأعمال الهمجية التي قام بها جمهور المشجعين لأحد أندية كرة القدم العنصرية الصهيونية في العاصمة الهولندية أمستردام على مدار 3 أيام متواصلة”.
وأوضح البيان أن تلك الأعمال “تضمنت الاعتداء على العلم الفلسطيني، وإنزاله عن بعض الأماكن التي ترمز إلى دعم الحق الفلسطيني في وجه جرائم الاحتلال والإبادة في قطاع غزة”.
ودعت الخارجية حكومة هولندا إلى التحقيق مع مثيري الشغب، وحماية الفلسطينيين والعرب من هؤلاء المستوطنين والجنود الإحتلال الذين توجهوا إلى هولندا لنقل أفكارهم العنصرية وجرائمهم للعواصم الأوروبية، مشددة على رفضها للعنف بكافة أشكاله.
وحذرت من تصاعد الفكر والممارسات العنصرية التي تحاول تمريرها هذه المجموعات العنصرية، وهو ما يشكل عداء للهوية والرمزية الفلسطينية، ودعت جهات الاختصاص إلى رفض تلك الأفكار ومواجهتها.
المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور نزار نزال لـ ” أخبار الوطن “
” الكيان الصهيوني يستثمر دائما في الأحداث ويصورها على أنها معاداة للسامية “
أكد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور نزار نزال، في تصريح لـ “أخبار الوطن” أن “الكيان الصهيوني يستثمر دائمًا في الأحداث، بغض النظر عن طبيعة الحدث، فعندما قام مشجعون لأحد أندية الكيان الصهيوني بالاعتداء على العلم الفلسطيني ومحاولة إنزاله من إحدى البنايات في أمستردام بهولندا، اعتبر الكيان الصهيوني هذا الحدث جبهةً ثامنة، في ظل محاربته على سبع جبهات، حيث تحدث بعض الساسة الصهاينة مؤكدين أن هذا الحدث هو الجبهة الثامنة التي يخوضونها “.
وأضاف محدثنا أن ” الرئيس الصهيوني تحدث عن الحادثة وقال إن ما حدث في أمستردام هو السابع من أكتوبر الجديد. لذلك، أعتقد أن الإسرائيليين ووسائل الإعلام العبرية تحاول استثمار هذا الموضوع وتصويره على أنه معاداة للسامية، مُسَخِّرَةً كل الوسائل الإعلامية لصالح الرواية الصهيونية” .
وأشار نزال إلى أن “هذا الحدث في أمستردام يمكن أن يكون في مصلحة الفلسطينيين إلى حد ما، حيث يعكس غضب الشارع الأوروبي، وهذا يتناقض مع الدعم الرسمي الأوروبي للكيان الصهيوني.
وأضاف المتحدث ذاته على أن العرب عبروا عن تعاطفهم مع القضية الفلسطينية، مؤكدا أن هذه الأحداث في أمستردام لن تكون الأخيرة.
وأوضح المحلل السياسي الفلسطيني أن “الكيان الصهيوني يحاول استغلال هذا الحدث لمصلحته، ويُصور ما حدث في أوروبا على أنه نتيجة تحريض من الفصائل الفلسطينية وحركة حماس، فيما يرى البعض أن إيران وراء هذا الموضوع، لكن الحقيقة أن الشارع الأوروبي أظهر استياءه من الدماء التي تسيل في غزة.’
وتابع قائلاً: ” من الملاحظ أن هناك مواطنين هولنديين قد تعاطفوا مع الفلسطينيين، والأغرب من ذلك أن السلطات الهولندية اعتقلت أكثر من 65 من المتعاطفين مع الفلسطينيين، مما يؤكد حجم الدعم الأوروبي للمشروع الصهيوني في المنطقة.’
واختتم نزال تصريحه بالقول ” هذه الحوادث لن تكون الأخيرة، بل ستتكرر في مناسبات عديدة. الإسرائيليون يتحدثون عن مباريات قد تحدث في إيطاليا في القريب العاجل، ويطالبون المؤسسة الأمنية الصهيونية بالتحرك لمنع تكرار ما حدث في أمستردام في مناطق أخرى” .
ندى عبروس