نوفمبر للجزائريين هو موعد مع القدر. .قدر حوّل مجراه الرجال. .رجال آمنوا بربهم وبالوطن وبالشهادة، كما امنوا بشعب جبار قادر على تغيير مجرى التاريخ. نوفمبر لا يمكن أن يختصر في احتفالية عابرة. إنه رمز للتمسك بالوجود والهويّة ، رمز للإيمان بقدرة البشرية على التغيير ومقاومة الإخضاع.
لم تتمكن فرنسا رغم عقود المسخ والاحتلال والإذلال والقهر والظلم والتجويع والتفقير والتجهيل من قتل تلك الروح المتمردة في عمق الجزائري الثائر بطبعه. غير المستكين بسليقته. نوفمبر هو خط القطيعة بين العبودية والحرية، وللحرية ثمنها، دفعناه من دمنا ، من أرواحنا؛ أكثر من مليون ونصف المليون من الشهداء وأكثر من ذلك من المعطوبين والمصدومين بفعل همجية الحضارة الغربية. كان لنا الله والإيمان بأن هذا المخلوق الذي أمر رب الناس مخلوقاته بأن تسجد له هو ذاته القيمة التي تحدّد مسارات التاريخ.
و كان لنا في الرسول صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة. و في كتاب الله وهو القائل سبحانه وتعالى على لسان نبيه ” إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ”.
إنه فعل التغيير، ذلك الرمز الأبدي الذي يحمله الإنسان في ذاته في جيناته وفي تراكميته الفكرية. وبدون ذلك، يقترب الإنسان من كائنات أخرى لا تشبهه. نوفمبر هو الدّلالة على قدرة الإنسان في تغيير الأوضاع وإخضاع عناصر الحياة لأهدافه النبيلة.
فلا يمكن للإنسان أن يُستعبد إذا آمن بأن التغيير هو فعل داخلي يتحوّل بفعل البيئات إلى هدف جمعي يتحرك وفقه عموم الناس. ولنا في الشهداء والمجاهدين والذين آمنوا بالجزائر عبرة. و في الذين رفضوا أن تحكمهم عصابة بوتفليقة بعدها.. دلالة!