النُّدرة تُنعِش سوق “الكابة”
تشغل قضية ندرة الأدوية عبر الصيدليات الرأي العام، خاصة مع تفاقم معاناة آلاف المرضى وذوي الأمراض المزمنة، ما دفع بوزير الصحة محمد ميراوي إلى توعّد المتسببين في مشكل تذبذب وندرة الأدوية على المستوى الوطني، باتخاذ إجراءات ضدهم.
صفية نسناس
تحدث بلعمري مسعود رئيس نقابة صيادلة الوكالات، لـ“أخبار الوطن”، بلغة الأرقام، قائلا إن حوالي 130 دواء مفقودا منذ 2017، والأزمة مستمرة لغاية اليوم. والمشكل يتسع مع مرور الأشهر وتواليها، والضحايا هم المرضى بكل تأكيد. كما أضاف يقول إن 20% من الأدوية المفقودة تتعلق بالأمراض المزمنة، حيث إن الجزائر تستورد سنويا أدوية بأكثر من 2.5 مليار دولار.
أما عن أهم الأدوية المفقودة، فقال إنها تتعلق في الأساس بمضادات الالتهاب والفيتامينات وبعض أدوية السرطان وارتفاع ضغط الدم والسكري، وكذا أدوية الأمراض العصبية.
من جهة أخرى، اعترفت لعجاجي لويزة مسؤولة الصيدلية بمستشفى نفيسة حمودي “بارني” بأن جلّ الصيدليات عبر الوطن تعاني نقصا محسوسا في بعض الأدوية، مشيرة إلى أن – وكما هو معلوم – الجزائر بلد مستورد للأدوية، خاصة أدوية الأمراض المزمنة السرطانية منها والعصبية، حيث لم نصل بعد إلى مرحلة الإنتاج، وهو ما لم يمَكِّنَنا من وضع إستراتيجية وطنية واضحة المعالم لمواجهة هذه الأزمة التي تهدد حياة مئات المرضى، لذا فإن الحل يبقى التوجه نحو الإنتاج عوض الاستيراد، مشيرة إلى أن الجزائر تستورد 60 في المائة من احتياجاتها من الأدوية، بينما لا تنتج سوى 40 بالمائة فقط.
ومن جانب آخر، ألقى عضو لجنة اليقظة بوزارة الصحة كريم مرغي باللوم على الصيادلة والمستوردين، معتبرا المشكلَ أخلاقيا وقانونيا لدى بعض الصيادلة والمستوردين خاصة في تعاملهم مع بعض أصناف الأدوية، كتلك الموجهة للأمراض العقلية والعصبية والنفسية، إضافة إلى أدوية السرطان التي قاموا باحتكارها وعدم طرحها في الأسواق، مؤكدا أن مشكل ندرة الأدوية لدى الصيدليات الخاصة امتد إلى صيدليات المؤسسات الاستشفائية التي تعيش وضعا مشابها.
كما نوّه المتحدث ذاته بأن قائمة الأدوية التي باتت تختفي من رفوف الصيدليات تتسع يوما بعد يوم، خاصة منها الموجهة للأطفال كـ “فانجيزون” و“داكتا راجالبيتال”، والمضادات الحيوية ومضادات الالتهاب على شكل حقن، إضافة إلى بعض أدوية الأمراض النفسية والعصبية مثل “اللوزينو”، وندرة في الأدوية الموجهة لمرضى السرطان، الذين زادت معاناتهم خلال الأشهر الفارطة.
وفي هذا السياق، سبق لنائب رئيس النقابة الوطنية للصيادلة الخواص فيصل عباد أن أشار إلى أن الوصاية لم تتدارك الندرة الحاصلة بعد، فلا تزال عدة أدوية مفقودة لليوم، رغم كل الحديث عن التحسن، إلا أن الندرة تبقى سيدة الموقف وبشكل كبير، وسط معاناة المريض وكذا الطبيب، بخاصة فيما تعلق بالأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة، مطالبا بالإجابة عن إشكال لماذا هي مفقودة رغم أن الجزائر تصرف ملايين الدولارات في هذا المجال؟
كما كشف عن جملة من التداعيات التي صارت تقع على عاتق الطبيب مرورا بالصيدلي، فيجدون أنفسهم أمام التنقل من ولاية لأخرى لمحاولة توفير الأدوية المفقودة، وأغلبها يتكفل بنقلها عبر “سيارات الأجرة”، وبشكل مجاني كون سعر الدواء في الجزائر مقننا، إلا أن الإشكال الباقي هو إلى متى يستمر هذا الوضع؟ خاصة أن معالجته بطريقة محاولة سد الثغرات لم تعد مجدية. مؤكدا أن الأمر يتعلق بغياب بعض الأدوية كتركيبة وليس كاسم تجاري فقط، أي يمكن أن يكون متاحا كدواء جنيس.
وكشف محدثنا عن شيوع عقلية جلب الدواء عبر “الكابة”، ومنها دخلت على الخط عملية البزنسة في الدواء من الخارج وبأسعار باهظة تكوي جيوب المرضى، خاصة أنها دون تعويض، ولا تمر على أي طرف رسمي يمكن أن يضمن سلامتها.